تذهب مع إبنها لمشاهدة عروسه الجديدة والتي هي بالمناسبة بنت ناس وعلى خلق قويم وتتبوأ منصب محترم كنتيجة عادلة لتعبها وسهر الليالى.
بعد فترة تمصمص شفتيها وتتنهد تنهيدة حارة كأنما بث تنين نيرانه في صدرها وتهمس في أذن إبنها قائلة في صوت مبحوح يشبه فحيح الأفعى ذات الجرس , لا تصلح لك!
لماذا يا أمي؟!
لأنها سمراء!
وتهب بيضاء الثلج من مقعدها كالقط المفزوع ساحبة ولدها من يده كالخروف لتغادر بيت ناس محترمين غير مأسوف عليها!
_________________
تطلب من إبنتها أن تتزين وترتدي أفضل ملابسها لأنهن ذاهبات إلى عُرس إحداهن وما إن يهبط الرحال داخل قاعة العُرس وبعد كثير من المجاملات الزائفة ونفاق اجتماعي من باقة لا محدود وعشرات من القُبلات المليئة بروائح أطباق الأوبن بوفيه - والذي هو بالمناسبة أفضل مئة مرة من طعام عُرس بنت خالتها كما أخبرها بذلك الثقات!- حتى تبدأ الأم في التلفت يمنة ويسرة كلص المواشي وفجأة تقبض على ساعد إبنتها المسكينة في عنف قائلة: هل ترين تلك الحاجة الجالسة في مقدمة الصفوف والتي تتوشح العباءة الخليجية القيمة؟
فترد المسكينة نعم, ما بها؟
تطلب الأم منها أن تصعد خشبة المسرح وترقص عشرة بلدي ولا مانع من بعض الميوعة و السهوكة فكل تلك الأمور قد تزيد من فرصة حصولها على عريس!
وتبًا لكرامة إبنتها, المهم ألا تحصل على لقب عانس!
_________________
تسألها عن أفضل صديقاتها فتقل بكل ثقة سارة.
وبعد فترة تتفاجئ بأن السارة عندها لها بشرى غير سارة بالمرة , فلقد تمت خطبتها دون أن تحدثها عن الأمر ولماذا؟
لأن سارة تخشى من عين صديقة عمرها!
ولا مانع من نشر بوستات تغيظ فيها صديقتها لأنها لم ترتبط حتى الآن ولن تتورع عن كتابة يا ناس يا شر كفاية قر ومعها إيموشن فيل بزلومة يضحك في سخرية.
_________________
تذهب بيضاء الثلج من جديد لبيت آخر لتشاهد عروسًا جديدة لإبنها, ويا للعجب نالت الفتاة التعيسة قبول البيضاء ولأن تلك الفتاة أهلها طيبين وولاد حلال , تسألها عن عمرها , فتجد أن الفتاة أكبر من المحروس عُمرًا.
وكما هبت في المرة الأولى , هبت من مقعدها ثانية مفرقعة أصابع يدها قائلة:
من همّه أخذ قد أمّه بالعربي لغير المصريين - من شدة الهم تزوج الشاب بفتاة في عمر أمه!-.
_________________
لا بأس ببعض المرونة لأن مستر شهاب يحب ذلك!
هكذا قالتها مس نوال مديرة الـ HR لفتاة محترمة قادمة من بيت محترم ولا تجد مس نوال ضررًا ولا عيبًا في ذلك لأن أهم شئ هو العمل.
-والآن مع المناضلة مس نوال القيادية الحركية في المنظمة النسوية لتحدثنا عن مناهضة التحرش الجنسي ضد المرأة والتقليل من شأنها في ساحات العمل.
تعتلي المسرح , تمسك بالميكرفون بشدة كأنما تخشى أن سيسرقه أحدهم ثم تصيح صيحة مقاتل بربري عتيد قائلة:
إنه مجتمع ذكوري عفن تبًا لهم وألف تبًا
ويتردد صدى صوتها في الخلفية وألف تبًا تبًا تبًا
-من الآن سنعلن حملة قومية بعنوان انتهى انتهى انتهى زمن السكوت والتهتهة
_________________
تثور ثائرتها وتغضب لأن إبنها يساعد زوجته في عمل المنزل, وتظل تهمز وتلمز فيه وفيها وطبيعي أن تنهي كلامها السام بجملة أثيرة من الكلاسيكيات أنا مخلفتش رجالة!
وفي نفس الوقت تطلب من زوج إبنتها أن يساعدها في عمل المنزل وتتقمص دور عضوة بالمجلس القومي للمرأة - والذي بالمناسبة لا أعلم ما الهدف منه وما هي إمكانياته- وتظل تشرح له الفوائد العشرين لغسل المواعين!
_________________
ولأن بيضاء الثلج لا يتوقعها أحد , تطرح حلًا جذريًا لـ فساد و طيش ولدها كيمو
والحل يكمن في تزويجه , فتصرخ في عنترية كـ دون كيشوت فلنبحث لـ كيمو عن عروس لعله يهتدي و يرشد و يتحمل المسؤلية!
ولأن هذا الكيمو معروف بالبلطجة وأنه نسوانجي درجة أولى وغنى عن الذكر أن كيمو يبدأ يومه بما يسمى الإصطباحة والتي هي في أخف الأحوال قطعة حشيش تكتم على نفسه حتى يقترب من الموت , فيجب عليها أن تبحث له عن زوجة محترمة بنت ناس ومن بيت طيب لماذا؟
حتى يكفر كيمو سيئاتها وسيئات أهلها في الدنيا!
التعليقات