ربما كلنا نُؤمن بأن ما يجعل الإنسان إيجابيا ومتفائلا اتجاه هذه الحياة هو طريقة تفكيره ونظرته للأمور، ولو بدأنا نتمعن في زوايا تفكيره لوجدنا أن الأمر نابعا من تربيته ومحيطه وكيف نشأ حتى ترعرعت تلك الأفكار البسيطة لينظر لها بعين إيجابية لا سلبية، كل هذه الأشياء متعلقة بالعقلية التي تربى عليها منذ الصغر، لذلك مهما سعى الفرد أن يتجرد من ماضيه لن يستطيع، فهو يلاحقه ملاحقة لحيوان لفرسيته، مثلما سيصبح حاضره في سباقِ معه.

هكذا هو الكاتب مهما ظل يحاول أن يظهر أمام قراءه ملفتا لانتباههم، لن يتحقق ذلك إلا إذا لامسوا صدقه وشفافيته بين الأسطر.

كثيرا ما أحاور نفسي نتيجة الكم من الإستفهامات المحيطة بي، أحيانا أجد جوابا وأحيانا أخرى أتيه بين ما أريده وما يجب أن يكون عليه الكاتب الحقيقي، فماذا لو امتلكت أفكارا جنونية لقصص أعلم أن القًراء سيعجبون بها لكنها منافية لتقاليدهم، سأحاول كسب استعطافهم حول شخصيات القصة، في المقابل امرر رسائل خارجة عن إطار تفكير البشر ولا تمت صلة بما هو كائن، الأكيد أنني سأنجح في طرح أفكاري في الوقت الذي يكون فيه القارئ متأثرا نفسيا لما وقع لبعض الشخصيات وقد لا ينتبه لبعض الأفكار وقد يمررها منتظرا بشغف ما سيحصل في باقي الأحداث غير مباليا بالعبر والحكم المستخلصة من القصة، هل يعد ما قمت به أمرا غير صائب؟ أم أن غباء القارئ وعدم تركيزه بين ثنايا الأفكار يتحمل نتائجه وحده.

ألا يعد هنا خرقا لمعيار التحلي بالشفافية في سرد الأفكار، ولابد أن يكون الكاتب صادقا اتجاه قراءه بين النصوص ولو كان ذلك يقع ضمن الأنواع الأدبية الإبداعية كالرواية مثلا.

تعبير الذي قرأته لروائي الإنجليزي سوسرست موم أثار لدي الكثير من التساؤلات، يقول فيه: "إذا كان باستطاعتك أن تخبر القصص وتخلق الشخصيات وتبتكر الأحداث بشفافية، ليس المهم حينها كيف تكتب".

لو تمعنا قليلا في مفهوم الشفافية لو جدنا بأن هذه الكلمة تملك مرادفات لها كالإخلاص، الأمانة، الصدق، النزاهة والكثير من المعاني الحميدة، لكن برأيكم هل يكفي أن يكون الكاتب صادقا حتى تظهر قطعته الأدبية بتلك الفنية التي تسمح للقارئ بأن ينجذب نحوها، لو وضعتكم أمام خيارين في مسابقة أدبية لكتابة نص حول أحد هذين الموضوعين، الفائز يكون بتصويت القُراء، ماذا ستختارون ولماذا؟ 

  1. لا يهم كيف تكتب، الأهم أن تصنع القصص بشفافية.
  2. لا يهم صدقك، الأهم أن تجيد التلاعب بالكلمات.