بينما يميل الطابع العام للفلسفات الأخرى إلى البحث عن الحقيقة،

تتجه الفلسفة الصينية إلى أن تكون بحثًا عن الطريق،

فتركّز على قيمة التجربة،

ولا تهدف إلى تعريف الحياة بل إلى مساعدتنا على عيشها بانسجام وتوازن.

يقودنا مفهوم الطاو (الطريق) في الفلسفة الصينية - - وهو ما ذكر في كتاب "الطريق إلى الفضيلة" لِ لاو تسه"- إلى معنى الفعل بلا جهد،

حيث ترى أن كثيرًا من مساعي البشر تسير بعكس تيار الطاو،

فنجد أنفسنا أمام المشقّة والمقاومة:

كمحاولتنا السيطرة على ما لا يمكن السيطرة عليه —

مشاعر الآخرين نحونا، أو إنتاجيتنا رغم الإرهاق —

فنُثبت نظرنا على نقطة محددة، فنفقد التيار كلّه.

كمن يحاول أن يسبح ضدَ تيارِ النهر فَيُرهق ويفشل في النهاية.

سأل تلميذٌ معلمه:

> كيف أعيش وفق الطاو؟

فأخذ المعلم ورقةً من الشجرة،

وألقاها في الهواء.

راحت الورقة تدور وتهبط بهدوء،

ثم استقرّت على الأرض دون أن تقاوم.

.

قال المعلم:

> “الورقة لم تختر الريح،

لكنها لم تعادها أيضًا

هكذا من عرف الطريق —

لا يُجبر، ولا يُجرّ.”

.

إن الهدوء والطمأنينة، إن كانا ممكنين، هما إعادة الانسجام مع الطاو،

أو كما نسميها: السير مع التيار.

ولا يعني هذا استسلامًا سلبيًا أو فقدانًا للعزيمة،

بل هو الفعل العفوي غير المجهد — وو وي (Wu Wei) —

أي الوصول إلى حالة طبيعية غير مصطنعة.

في هذا المفهوم، نبذل جهدًا كي نتخلى عن الجهد،

ثم نزيد انسجامنا مع الفعل تدريجيًا،

حتى تزول الفجوة بيننا وبينه،

فيصبح سلوكنا عفويًا طبيعيًّا صحيحًا؛

مثلما نتعلّم ركوب الدراجة، نترنّح أولًا ثم نسير بلا جهد تفكيرٍ إلا فيما يلزم،

كالعصفور قبل أن يتعلّم الطيران،

وكالقطّ قبل أن يتقن تسلّق الأشجار.

.

وأجد كل ما قلت مختصرًا في قولِ "لاو تسه" :

"من يعرف متى يكفّ عن القتال، يعرف النصر".