كثيراً ما أفكر في كيف يمكن أن يبني الكاتب تمهيداً نفسياً محكماً دون الغرق في التفسير والإسهاب، وجعل القارئ عندما يصل للحدث الموعود تكون صدمته الكبرى هي التمهيد ما قبل الحدث وليس الحدث نفسه. هناك إجابات مختلفة، إضافة إلى أن هناك جزءاً يعتمد على الكاتب نفسه. ولكن بلا شك يعتبر تمهيد جريمة قتل العجوز في "الجريمة والعقاب" واحداً من أعظم التمهيدات النفسية في الأدب إن لم يكن الأعظم.

سواءً من كل حدث أو تفصيلة صغيرة كتبها دوستويفسكي، انطلاقاً من وصف مكان عيش راسكولينيكوف وبدء تسلل الأفكار الشيطانية له، إلى لقاء مارميلادوف وفهم تجربته وتغذية رغبته أكثر في الجريمة مع مقاومتها بشكل مستمر، وصولاً إلى رسالة الأم التي كانت من أهم المحركات النفسية لراسكولينيكوف، حتى نصل أخيراً إلى حوار الحانة الذي فجر رغبة راسكولينيكوف في قتل العجوز.

ولا ننسى التفاصيل النفسية الصغيرة التي تحكي لنا حالة راسكولينيكوف النفسية دون أن تصرح مباشرة، مثل حلمه عن الحصان الذي تم تعذيبه. في 140 صفحة التي سبقت جريمة القتل، فيودور دوستويفسكي لم يكتب تمهيداً عادياً، بل رحلة نفسية معقدة في روح راسكولينيكوف.

لذا أردت مشاركتكم رأيي، وأريد سماع تأملاتكم حول هذه الرحلة النفسية المعقدة التي مر بها راسكولينيكوف.