في أحد الأيام دخلت علينا معلمة اللغة الفرنسية ووجهها الهاديء تظهر عليه ملامح الحزن الشديد ثم قالت لنا بأسف توفي د. مصطفى محمود اليوم، في ذلك الوقت لم أكن للأسف أعلم من هو د. مصطفى محمود، فتعجبت من كل هذا الحزن الظاهر عليها، ثم تعرفت عليه لاحقًا في نهاية المرحلة الثانوية وبداية الجامعة.

تعرفت على د. مصطفى ووقعت يدي على كتبه كمن وقع على كنز، فأصبحت أشتري الكتاب وراء الكتاب أو أتبادل كتبه مع الأصدقاء، فبالنسبة لي د. مصطفى محمود وكتبه وقصصه ساعدت في تشكيل وعيي ونضجي الفكري وفتحت لي أعماله الباب لفهم أمور كثيرة في الدين والحياة كانت تؤرقني ووجدت من خلال فهمه وفلسفته إجابات لأسئلة مُحيرة بطريقة مُقنعة تحترم العقل، كما لفت انتباهي فكرة أنه يمكن دراسة شيء والعمل بشيء آخر وسيزيد ذلك من عمق التجربة ويغنيها، فهو درس الطب وعمل بالكتابة والإعلام، وكذلك فكرة أنه يمكن للكاتب كتابة الكتب والقصص والمقالات فليس شرطًا أن يتخصص بنوعًا واحدًا من الأدب ما دام يمتلك الموهبة والقدرة والمعرفة، ولذلك أصبح لي كقدوة في الأدب والحياة، فها أنا ذا بعد سنوات من دراسة العلوم فضلت العمل بالكتابة، وكتبت المقالات وأعمل على كتابة الروايات ولدي عددًا من الأفكار للكتب التي أريد نشرها مستقبلًا، كما أطمح لأكون مؤثرة مثله كذلك في يومٍ من الأيام.

في بداية تعرفي على د. مصطفى لم أكن أعرف الكثير عنه ثم بعد ذلك عرفت من العائلة أنه كان له برنامجًا تلفزيونيًا يُعرض قديمًا اسمه "العلم والإيمان" استمر عرضه لسنوات وكان ينتظر عرضه الكثير من الناس حتى أنهم ما زالوا يتذكرون أيام عرض البرنامج والموعد لشدة تعلقهم به. وأنتم أخبروني ماذا تعلمتم منه؟