الأمومة..كلمة لطالما كانت كرمز للحب والرعاية والحنان، لكن هناك وجهًا آخر لهذه الكلمة وأقصد هنا الأم القاسية التي يراها البعض كنتاج للصراعات النفسية أوتجارب طفولة قاسية كما في رواية "مدام بوفاري" لغوستاف فلوبير، حيث تكون غير قادرة على تقديم الحب لأطفالها بسبب صراعها مع أحلامها المحطمة وضغوط حياتها، مثل أم تعاني من ضغوط اقتصادية هائلة قد تجد نفسها عاجزة عن التعبير عن حبها، مما يجعلها تبدو قاسية في نظر أبنائها.

هذه الرؤية تبرر القسوة المفرطة أحيانًا، متجاهلة تأثيرها طويل الأمد على الأبناء.

بينما ينظر البعض للأم القاسية كرمز للاضطهاد. في رواية "الغرفة" لإيما دونوغو، تظهر الأم في البداية كمتسلطة ومتشددة، لكنها تفعل ذلك بدافع حماية طفلها من العالم الخارجي القاسي. وهذا مثل ما تفعله اليوم بعض الأمهات اللواتي تفرضن قواعد صارمة على أبنائهن قد يُنظر إليهن كقاسيات، رغم أنهن تعتقدن أنهن تفعلن ذلك لحمايتهم من الأخطار.

قد تكون هذه النظرة مبررة أحيانًا، لكنها تُظهر جانبًا أحاديًا يربط القسوة فقط بالنوايا الحسنة دون النظر إلى الأضرار النفسية التي قد تترتب عليها.

أخيرا نجد رؤية توني موريسون في رواية "محبوبة"، بتصويرها كضحية لنظام اجتماعي قاسٍ يدفعها للتصرف بهذه الطريقة مثل أم تُجبرها ظروف العمل الشاقة على إهمال أبنائها قد تُلام على قسوتها، لكن الحقيقة أنها ضحية مجتمع يُحمّل النساء أعباءً هائلة دون دعم حقيقي.

أرى أن هذه الرؤية قد تنزع المسؤولية تمامًا عن الأم القاسية، مما قد يكون غير منصف تجاه الأبناء.

هذه الآراء على اختلافها إلا أنها كلها موجودة في الواقع، سواء كانت قسوة الأم هي نتاج ظروف قاهرة، أم خيارًا فرديًا أو نتيجة لعيوب شخصية.. فكيف يجب أن نتعامل مع هذا الواقع؟