كشخص يقرأ بكثرة ألاحظ أنني في الصيف يقل معدل القراءة لدي مقارنة بأي فصل آخر في العام حتى أنني أصاب أحيانا فيما يسمى بركود القراءة الصيفية فهل يحدث هذا معكم أيضا؟ وأحاول التغلب عليه بأكثر من طريقة مثل القراءة في المساء أو في الصباح الباكر وأتجنب القراءة في فترات الحرارة الشديدة، ولاحظت أيضا أن نجيب محفوظ في الصيف كان يقل معدل القراءة لديه بل على حد تعبيره أنه يتوقف عن الكتابة أيضا ولكن بسبب طبي على ما أذكر، على كل حال أخبرني لو لاحظت أن معدل القراءة لديك يقل في الصيف ولماذا؟
لماذا يقل معدل القراءة لدينا في فصل الصيف؟
لا بالعكس، أجد أن الصيف يكون فترة الراحة والإجازة فهو مشجع على العودة لجميع الأنشطة المتروكة وخصوصًا القراءة.
أنا العكس يقل المعدل عندي في فصل الشتاء لمزامنته مع الدراسة وأعمال أخرى تلتهم الوقت.
أنا العكس يقل المعدل عندي في فصل الشتاء لمزامنته مع الدراسة وأعمال أخرى تلتهم الوقت.
في أثناء بحثي عن الموضوع كان هنالك مقالة بعنوان التغلب على ركود القراءة الصيفية وكان محدد للطلبة أو الدراسين وأنه يقل معدل القراءة لديهم في الصيف لأنه يكون فترة راحة واقترح الكاتب أن يكون هنالك دورات للقراءة أو مجموعات للمساعدة على التغلب على هذا الركود، فأنتِ كيف تغلبتي على هذه المعضلة؟
فقط تغيير فكرتي عن القراءة واقتناعي بأهميتها يجعلني أضعها على رأس قائمة أولوياتي في الصيف.
لكن بغض النظر عن حالتي، طالما أن الشائع هو قلة المعدل في الصيف حسب الأبحاث،
فهل يعقل أن تكون الحالة الرومانسية لربط الشتاء والمطر والغيوم والقهوة (ولدى العرب فيروز)، بهذا المعدل؟
أعني أننا جعلنا من القراءة حالة لا تقع إلا في ظروف معينة، وهذا قد يؤثر على تركها إذا لم تتواتَ تلك الظروف بالكامل (في فصل الصيف).
أعني أننا جعلنا من القراءة حالة لا تقع إلا في ظروف معينة، وهذا قد يؤثر على تركها إذا لم تتواتَ تلك الظروف بالكامل (في فصل الصيف)
بنسبة كبيرة القراءة هي حالة مزاجية فلا يمكنك في كل مرة القراءة في مواضيع تاريخية وفلسفية ثقيلة إلا لو كانت لغرض بحثي أو دراسي بمعنى أن لك هدف أكبر من ممارسة القراءة، لهذا نجد التنوع الكبير في القراءة سواء في الفصول أو على مستوى قراءة الشخص نفسه، فأحيانا نقرأ للمتعة وأحيانا للمعرفة وهكذا. ولكن القارئ لو وضعها على قائمة الأولويات سيقرأ لو في المحيط أو على سطح القمر.
حين كان لدي مكتبة أبيع فيها الكتب كنت ألاحظ أن الناس تقل قراءتها في فصل الصيف وتكثير في الشتاء، لكن برأيي هذا يتأثر بالظرف المحيط بهذا الفصل، فالظرف المحيط بظرف الصيف هو الحركة والبحر والخروجات والتسلية المرتبطة بخارج المنزل مرتفع الحرارة وضيّق النفس، يفضّل معظم الناس الخروج، خاصة من لا يستطيعون أن يشغّلوا المكيّفات ليل نهار، أما في الشتاء فالأمر مرتبط برأيي بالسكون والاستقرار في المنزل، في هذه الحالة لا يزجد أكثر ما يسلي في هذه الأوقات من كتاب مع كأس شاي ساخن، هذه طقوسي، ما يعني حتى أنا أتأثر بالقراءة في هذين الفصلين، واحد أكثر من الآخر، مع أنني أصنّف نفسي قارئ جيّد.
حين كان لدي مكتبة أبيع فيها الكتب كنت ألاحظ أن الناس تقل قراءتها في فصل الصيف وتكثير في الشتاء
نفس الملاحظة بما أنني عملت في نفس المجال لسنين أيضا، وفي هذه الحالات كنا نقوم بالعروض الترويجية والفعاليات والخصومات لنقلل هذا النقص في القراءة، ولكن تظل الأزمة في القدرة على التركيز في فصل الصيف مع درجات حرارة عالية، فهل لديك طريقة أو اقتراح لشخص يعاني في ركود القراءة في الصيف وهو أنا بالتأكيد؟
برأيي لا يمكن للشخص أن يُجبر على القراءة بتركيز إلا إذا حاول صناعة عاملين اثنين. الأول الدافعية، لماذا تقرأ؟ هذا سؤال جداً مهم، لو كان سبب القراءة مهم جداً يمكن أن ينتِج دافعية عالية للقراءة قي أصعب الأوقات وازعجها، والعامل الثاني هي تجهيز طقس للأمر، كأس شاي بطريقة معيّنة، كرسي هزّاز، يجعلك تتحرك أثناء القراءة، موسيقى لطيفة، كل هذه الأمور مدعّمة للقراءة
والعامل الثاني هي تجهيز طقس للأمر، كأس شاي بطريقة معيّنة، كرسي هزّاز، يجعلك تتحرك أثناء القراءة، موسيقى لطيفة، كل هذه الأمور مدعّمة للقراءة
في الماضي كنت أقوم بعمل هذه الطقوس أو بعضها ولكن مع الوقت تجاهلتها وصرت أرى أن الحالة المزاجية والهدف هو المحرك الأكبر لي لذا لو كان لدي الدافع للقراءة سأفعل، وبالنسبة للطقس الحالي الذي أعمل عليه كثيرا هو اختيار الوقت المناسب في اليوم للقراءة حيث يكون هنالك هدوء عام حينها أسبح بداخل الكتاب.
في الواقع لا أعتقد أن الأمر قاعدة عامة، فلا أظن أن معدل القراءة مرتبط بفصل معين، بل الأمر مرتبط بارتباطات الأشخاص. مثلا الطلاب لا بد أن تزداد معدلات القراءة لديهم في الصيف بسبب الإجازة والتي تعطيهم مساحة كبيرة من الوقت لممارسة أنشطتهم وهواياتهم، على عكس الموظفين الذين لا يحظون بفرصة الإجازة تلك وإن حظوا بها فستكون أيام قليلة وفي الأغلب سيؤثرون عمل أشياء أكثر تسلية من القراءة، فالأمر معتمد على طبيعة الظروف المحيطة بالشخص من وجهة نظري
ولكن ألا ترى أي تأثير لدرجة الحرارة المرتفعة في فصل الصيف على معدلات التركيز ؟ وفي نفس الوقت بالنسبة للطلبة في فصل الصيف يبحثون بصورة كبيرة عن الراحة والرفاهية ولو أمكن السفر لتغيير الجو العام من الدراسة طوال العام؟
بالنسة لي ليس لي معدل للقراءة والكتابة موحد فقط اكتب عنما أجد نفسي لدي ما أقوله وأقرأ عندما اشتاق للقراءة ثم بعد ان تكبر وتتخطى الاربعين وتجد نفسك قرأت كتب تفوق حالتك الذهنية على التذكر وقتها ستتوقف عن القراءة ولن تعود الا وقت الاشتياق
بالفعل ألاحظ هذا معي، لكن له سبب واضح وهو كوني لا أحب الصيف وأُصاب بالملل سريعًا ليس في القراءة فقط بل في كافة الأنشطة.
سابقا كنت أقرأ في الصيف وفي الشتاء، لم يكن للصيف وحرارة الشمس تأثير عليّ، قضيت سنوات حرفيا أعيش تحت ضوء الشمس أول ما تطلع لغاية ما تغيب، لا أعرف ربما للأمر علاقة بالمناعة، تجعلني أتحمل السموم والأطعمة الملوثة وأشعة الشمس الضارة، بعد حادث عنيف جدا، صارت مناعتي واهية جدا، أثر ذلك عليّ، وصارت القراءة أمتع في جو من الراحة الباردة. لاحظت أنه حتى في الصيف، وبسبب الأملاح الزائدة، والعرق، كانت هناك فترة، أقرأ الكتاب وأنا ممسك به بواسطة قفاز كيسي مصطنع لأمنع العرق الغزير عن إتلاف الكتاب. أعتقد أن الأمر مرتبط أكثر بفكرة الحرارة فعلا، خاصة وأن هناك عدد كبير من البشر تخاف من الأماكن المغلقة، الحرارة، الناس والازدحام، أو الأنفاس الضارة. لاحظ أيضا أنه في الشتاء، حتى لو تنام على الرصيف، يكفيك غطاء واحد فقط ليعطيك التدفئة، جسدك سوف يتولى البقية ويولد حرارة تفدئ فراشك، ولو شخصين ينامان معا سوف يكون الأمر أكثر دفئا، أعرف أشخاص متسولة ينامون نفرين نفرين بشكل متلاصق، ذكرين لا يملكون رفاهية النوم مع زوجة، ولا أقصد أي شذوذ هنا، فلا يطمع أحدهما في أكثر من يدفئ ظهر الآخر ظهره. آه، حتى هذه الفئات تقرأ، أعرف شخص عجوز ومتسول أو شبه متسول يقرأ والبطانية تغطي رأسه وظهره، على عكس الصيف، لا تعثر عليه تقريبا في الصيف. أما في الصيف، أنت تحتاج إلى تكلفة عالية للحفاظ على برودة جسمك، لأن إفرازاتك العرقية في الواقع لا تصلح، خاصة ونحن شعوب حارة، ربما معدلات القراءة في أوروبا تزيد في الصيف عن الشتاء، لكن عندنا نحن، الأمتع والأكثر راحة أن يكون في الشتاء. تجد أن هذا تقريبا هو موسم المعارض الدولية، في مصر تحديدا معرض القاهرة في الشتاء، وهناك زائرين كثر فهموا ميزة أن يكونوا في الشتاء لما خاضوا تجربة زيارة المعرض في الصيف (حين تم تأخير موعده بسبب كورونا). في الشتاء، أنت تستطيع أن تستمتع بالزحام داخل القاعات المغلقة، هناك تكييف داخلي، ولكنك لن تنزعج لو خرجت، والطوابير أمام التذاكر يمكن تحمله في شمس الشتاء. الأمر ممتع جدا، خاصة وأن الصيف فعلا مقترن بعدد كبير من الملهيات الأخرى، في أعياد ومصايف وسينما ورحلات على عكس الشتاء يقل فيه ذلك إلى حد كبير. وبالفعل تجد دور النشر تطرح عدد كبير من العروض بمناسبة الصيف لموازنة الكفة مع عروض المعارض (ولكن ربما هذا مجرد إجراء موسمي لا أكثر).
على كل حال، هذا العامل، الحرارة، يجتر معه كل الأسباب الفرعية الممكنة، لا أعتقد أنه سبب هين، وأتفق معك فيه.
التعليقات