قرأتُ بكتاب نظرية الفستق أحد الفصول بعنوان (ليس لأنك تحبه) كلاماً مُفاده أنك عندما تحب شخصاً ما فإنك ترى فيه قدوة لك وتسعى لإن تصبح مثله...

ولكن أليس ذلك داعياً للحذر؟

فإنني إذا أحببته ارتفعت مكانته في نظري، وعميت عنياي عن رؤية أخطائه، ف"عين الرضا عن كل عيبٍ كليلة" ورأيت أن كل ما يفعله صواب وسعيت إلى تقليده فيه دون النظر بعين العقل والبصيرة.

أما إذا حدث العكس ورأيت منه خطئاً بيناً لا تجرؤ العين على إنكاره فإن مكانته العظيمة عندي تنهار تماماً، ويتناسى القلب أن كل إنسان واردٌ منه الخطأ، وأنه إن أخطأ فإن ذلك أمر طبيعي.

سألني أبي ذات مرة قائلاً: ماذا ستفعل لو رأيتني أرتكب خطئاً لا تتوقعه أنت مني؟

وقع هذا السؤال من نفسي موقعاً عظيماً، وتساءلت هل ستنهار المكانة العظيمة لأبي في نظري؟ ثم رجعت لنفسي قائلاً: أليس في النهاية بشر يتوقع منه أن يصيب ويخطئ؟ وهل من العدل أن أضرب بكل مواقفه النبيلة عرض الحائط لمجرد صدور هذا الخطأ - الذي هو متوقع من النفس البشرية - منه؟

وقد علمني هذا السؤال أنه مهما عظمت قيمة المرء في قلبي فإنه على الرغم من ذلك ليس معصوماً من الخطأ.

وقد رأيت بنفسي علاقة صداقة دامت لسنين طويلة ثم انهارت عندما علم أحد الطرفين بخطأ ما يقوم به الطرف الآخر، فلم يتقبل أن يصدر من محبه هذا الخطأ وانتهت العلاقة بينهما.

وإني لأجد الأمر سلاحاً ذو حدين، فإما أن يضرك بالتقليد الأعمى ظناً منك أنه لا يخطئ، أو يهدم مكانته في قلبك تماماً إذا أخطأ ظناً منك أنه لا يجوز منه الخطأ.

ومن هنا نتساءل: كيف لنا أن نتجرد عن العاطفة عند حكمنا على من نحب؟