يخبرنا أبناء السوشال ميديا أن علينا أن لا نضيع طاقاتنا واستثماراتنا في علاقات حب طمعاً في الأمان والسعادة، لأن كل العلاقات زائلة ولن يبقى للفرد إلا نفسه، لذلك عليه أن يُبجل نفسه أم أي علاقة أخرى، فلا حب الأباء ولا حب الأصدقاء أو الشركاء ذو قيمة أمام أنفسنا الجليلة، وهذا مع الأسف هراء وكلام ريعي يبيع الهوى ويقتل الحقيقة والقيم الصحيحة في حياتنا.

يُشخص سيجمونت باومان في كتابه الحب السائل، حالتنا الفكرية حول الحب، يقول بأن الإنسان أصبح يتعامل مع الأشخاص كورق مرحاض قابل للاستعمال والرمي، دون إي التفات لمشاعر الأخر، فأصبحت كل العلاقات الإنسانية علاقات عابرة تحكمها اللذة والمصلحة، دون أي اعتبار للقيمة الأخلاقية والشعورية، وأصبحت وعود الارتباط السريع تقلل من فرص استمرار العلاقات الطويلة، والسبب هو تحول الإنسان إلى مادة استهلاكية يمكن تسويقها سواء كجسد أو كقلب وعواطف.

هذا التدهور الحاد في العلاقات البشرية والخسائر الجسيمة في المعاني الأساسية للحياة كالحب والارتباط الطويل، والإخلاص والحب غير المشروط، يرجع في رأي باومان إلى نقص الحب، الذي يجعل الإنسان عاجزاً عن تجربة وتقديم الحب للأخر، الأنانية المفرطة والرقابة الدائمة لتحقيق مصلحة الأنا والحماية الزائدة لها هو ما جعل الإنسان المعاصر يرى نفسه أعلى من أي شيء خارجه، ولكن في نفس الوقت تتناقص قدرته على احترام نفسه أو إدراكه للحب الحق .