مواساة النفس

ارتكاب الأخطاء هو جزء من طبيعة النفس البشرية، وضرورة أساسية للتعلم والتطور، فنحن لا نُخلق ونحن على علم ودارية بكل شيء، بل اكتسبنا كل المعارف ووضعنا الأسس والقواعد بناء على التجارب، والتجارب الخاطئة هي ما أدت بنا لمعرفة الخطوات الصحيحة، أديسون كان لديه جواب رائع عندما سؤاله عن عدد المرات الكبير الذي أخفق فيه في صناعة مصباحه حيث قال « أنا لم أفشل 1000 آلاف مرة بل نجحت في إيجاد 1000 آلاف طريقة غير صحيحة لا يمكن للمصباح العمل بها». تلك الجملة لخصت كيف يمكن لطريقة تفكير الانسان ورؤيته المختلفة لجوانب الأمور أن تشكل فارق أساسيا في مثابرته وعزيمته.

دوستويفسكي عنده الكثير من الحكمة، أتذكر أني أحببت الأخوة كارامازوف عندما قرأتها في فترة الجامعة وكنت أقرأ وقتها أيضًا للروسي الآخر تشيخوف، مع كون كتابتهم قد توصف بالسوداوية إلا إنها ممتعة في القراءة وأجد نفسي هذه الأيام أريد الرجوع لقراءة أعمالهم مرة أخرى.

أما المقولة فأجد أن بها كثير من الحقيقة والحكمة وذكرتني بسؤال الملائكة لرب العالمين في الآية ٣٠ من سورة البقرة "وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لا تَعْلَمُونَ"، فالله خلق الإنسان وأعطاه حرية الاختيار بين الصواب والخطأ بل وجعل خطأ الإنسان جزء من طبيعته وفتح في مقابل ذلك باب التوبة في كل وقت وحين وبلا قيود، وفكرة أن الخطأ الأصيل خير من الحقيقة التافهة أيضًا يمكن فهمه في إطار أن الله فرض علينا أن نحاول لا أن نصل وقد نحاول ونخطأ ويتقبل الله منا هذا، هل تعرف من أي كتاب هي هذه المقولة؟

إنني أحب هذا، أحب أن يخطئ الإنسان

من الجيد أن تخطئ لأن ذلم سيعلّمك أمرًا، ولكن من السئ أن تقع في الخطأ مرتين فهذا يعني أن هناك خللًا أكبر بالشخصية أو الطريقة التي نقوم بها بالأمر وعلينا التوقف والتفكير لإصلاحه قبل المحاولة مرة أخرى.

بالفعل لا بد ان يسعى الإنسان لمزيد من التعلم أو مثلما يقول د.أحمد خالد توفيق "إن الإنسان الميت هو الذي كف عن التعلم و اكتساب الخبرات .. ولهذا ترون أننا محاطون بالموتي الأحياء طيله الوقت" وأثناء رحلة التعلم لا بد من حدوث أخطاء وإلا كيف سيتطور الإنسان فالبحار الجيد هو الذي أبحر وغامر في أمواج متلاطمة وليس ذلك الذي جلس بجوار سفينته على الشاطئ