صدر حديثا آخر كتب الروائية التركية إليف شافاك بعنوان كيف نحافظ على عقولنا في عصر منقسم، كتاب مفاجئ حاولت فيه الخروج من عباءة الرواية الحزينة إلى التفكير في الواقع الأكثر حزنا، واقع ما بعد إنسانية وسائل التواصل الاجتماعية إن صح التعبير، تعرض من خلاله علاقتنا المأزومة بوسائل التواصل الاجتماعي والهشاشة النفسية التي أظهرتها مشكلة كورونا والحجر الصحي.

واحدة من أهم المشكلات التي تحاول الكاتبة عرضها هي كيف تعيد وسائل التواصل تشكيل نوع جديد من الأمراض الإنسانية وتعميقها بشكل رهيب وغير مسبوق، ففي ظاهر الأمر تقدم وسائل التواصل نفسها على أنها الطريقة المثلى لمنح أصوات لمن لا صوت لهم، لكنها على مستوى أعمق تخلق نوع خطير من النرجسية وحب الذات بحيث لا أحد يسمع الأخر والكل يتحدث فقط  ليصنع الهالة حوله دون أن يكون قادر على فهم الأخرين أو التواصل معهم بشكل فعالن وبعد كل هذا القدر من النرجسية نصل الى حالة من تبلد المشاعر واللامباليات والاكتئاب والخذلان والقلق والغضب .

في عصر منقسم كل واحد فينا مهموم بالوقوع في حب ذاته وصوره وملابسة وكتاباته، والمقارنات اللانهائية مع الأخرين، نصل إلى الانهاك وشلل عاطفي ونفسي محصورين تماما وسط توجهات فرضت علينا، وفيض من المعرفة التي لا نستفيد منها في واقعنا إلا قليل، وللخروج من هذه الحالة تقترح شافاك مجموعة من الاقتراحات:

*      الحكمة الأولى: ربط العقل بالقلب حتى لا يفلت أحدهما بسبب التشاؤم المفرط أو الخيال اليوتوبي.

*     الحكمة الثانية: رفض الاحتجاز في أي انتماءات أو توجهات يمكن أن تحجب الحقيقة .

*       الحكمة الثالثة: العلم النافع ليس بالكثرة بل بالإيجابية والفائدة، أما الفيض المعرفي الذي يجرفنا اليوم فلا معنى للابحار فيه.

*       لكي نحافظ على عقولنا لسنا مضطرين للسفر أو قراءة كل كتب العالم، علينا أن نكون منفتحين على العالم ونفكر بمنهج حر .

*     أصواتنا الداخلية ليست دائما صحيحة ومرآة الذات وحدها لا تكفي لمعرفة الحقيقة، نحتاج أن نسمع من الأخرين ونبحث عن الاختلاف ونحترمه.

في رأيك هل وفقت إليف شافاك في هذه المجازفة بالكتابة خارج الرواية، أم أنك ترى أن عظمة شافاك مخصوصة ومقترنة بالرواية فقط؟ وماهي اقتراحاتك للحفاظ على عقولنا في هذا العصر المنقسم؟ وماهي أكثر حكمة توافق شافاك عليها ولماذا؟