سمعت كثيراً عن الحياة قبل الهاتف المحمول، الحياة التي ليس بها (ألو) واحدة في اليوم ، حيث من يريدنا في موضوع هام أو يود زيارتنا لا يرسل لنا رسالة عبر الواتساب يقول لك فيها (أوحشتني) ثم يذهب ليقلب في صفحات الفيس بوك وينساك!

ولا حتى يرفع سماعة الهاتف ويسألنا عن حالنا ثم يغلق بعد وصلة من المجاملات التي تفرضها علينا تلك السماعة (حيث أننا لا بد أن نتحدث وتقول أي شئ، ولا يجب أن تصمت) فالطرف الآخر لا يلحظ منا سوى صوتنا، لا يرى لغة جسدنا..ابتساماتنا.. ارتياحنا.

بل كان من يريدنا يسافر لنا بلاد لكي يجلس معنا في بيتنا أو في حديقة، في الحقيقة إن كل من عاصروا تلك الفترة التي سبقت الهاتف وتطوراته يؤكد أنها كانت حياة عظيمة ليست مشوهة، علاقات (حقيقية) لا وجود فيها للشات او الريكورد، ودعنا نتوقف عند لفظة حقيقية قليلاً، هل ساهمت التكنولوجيا حقاً في جعل علاقاتنا مزيفة بعض الشئ؟

في كتاب أنا أوسيلفي إذن أنا موجود: تحولات الأنا في العصر الإفتراضي) تتحدث الكاتبة إلزا غودار وتقول في هذا الصدد :

"يبدو أن الهاتف المحمول غير من علاقتنا مع عالم العواطف، إن الحب في تحول جذري بمعناه الواسع الذي يشمل الحب العائلي والصداقة مروراً بالإحساس العاشق، لقد تأقلم مع رفض الإلتزام والسطحية التي تعمق منها تغير علاقتنا مع الزمان والفضاء، فطريقتنا في الحب شبيهة بعلاقتنا في استعمال السمارت فون، إنها تتأرجح بين القهر والهواجس والإدمان والنفي"

أنا لا اختلف مع هذا الكلام، ولكن في نظري لا يوجد ما يمنع أن تكون العلاقة على الهاتف مثل الواقع، علاقات بها التزام من كل طرف للطرف الآخر وكذلك بها (الصدق).

دعني أسألك عزيزي القارئ: ما هو عيب الهاتف المحمول في العلاقات الإنسانية؟ وهل حقاً ساهم في جعلها علاقات مشوهة وغير صادقة؟