كل من يشعر أن حياته بالذات وحياة البشر مثله لا معنى لها، ليس بائساً فحسب، بل هو قادر على البقاء والعيش ولكن بصعوبة بالغة، هذا ما يجرني للحديث عن أحد الكتب التي اهتمت بالفكرة، للكاتب فيكتور فرانكي بعنوان "الإنسان يبحث عن معنى"، يجعلنا نطرح للتساؤل "هل السعي للبحث عن معنى قوة أم تبريرا ثانوياً لحوافز الإنسان؟

يزعم بعض علماء النفس أن المعاني والقيم ليست إلا ميكانزمات دفاعية وتكوينات لردود أفعال. خلافا لذلك يرى الكاتب أنه لا يستطيع العيش من أجل الأولى وليس مستعدا للموت من أجل الثانية، فالمعنى ليس انبثاقا من الوجود ذاته فحسب وانما هو شيء يواجهه، واذا لم يكن المعنى الذي ينتظر تحقيقه سوى التعبير عن الذات فإنه يفقد على الفور طبيعته الباعثة على التحدي والعمل في الحياة. ويركز على أنه من الطبيعي بعض الحالات التي يكون فيها اهتمام الفرد بالقيم عبارة عن تكوين للصراع الداخلي المستتر التي نطلق عليها أنها البحث عن معنى إتباعها للحوافز الداخلية للإنسان، وكتوضيح للفكرة، ربما تجار المخدرات يبحثون عن معنى وقوة تبريرا لحافز ثانوي.

وتأكيدا لهذا، يرى فيكتور فرانكي أن، القيم الحقيقية لا تحفز الإنسان وإنما بالأحرى تشده وتجذبه، فالإنسان يمتلك قيمةْ "حرية الإنسان في الاختيار" تجعله يقرر بين القبول والرفض لما هو معروض عليه في تحقيق دواعي المعنى في حياته والا لفقدها.

وفي ناحية أخرى، يسلط الكاتب الضوء على نفي وجود ما يسمى بالحافز المعنوي، أو الديني بنفس الطريقة التي نتكلم بها عن الغرائز الأساسية كمحددات حتمية للإنسان لأنه لا يساق أبدًا نحوها وإنما يتخذ القرار ليسلكها.

هل السعي للبحث عن المعنى اختيار أم تبريرا ثانوياً لحوافز الإنسان الغرائزية؟ كيف ترى حياة الإنسان بدون معنى؟