ذكرني فيسبوك منذ عدة أيام بمنشور نشرته على صفحتي منذ عام بالضبط

أقول فيه:

لك مسار مرسوم أيها المتطلع في بلاد تدعى "بلاد العالم الثالث"، لك طريق لا بد أن تسير عليه مثلما سار قبلك الآلاف، ومثلما سيسير بعدك الآلاف، طريق ستطحن فيه اختلافك بيديك، ستهرس مواهبك مثلما أوهموك أنك فيها واهم، ستتحول نفسك إلى عجين في يد مجتمع لا يؤمن ب "الاختلاف"...وستكون نسخة سخيفة، صنعها تعليم سخيف، بيئة سخيفة، أهل أكثر سخافة، ستغدو قطرة في شلال من ماء آسن، فرد في قطيع تحكمه قوة أضعف منك أنت بمراحل، وستعيش، أقصد ستموت تدريجياً وأنت تفني عمرك في الطريق الخاطئ، ستتساقط منك أشياء كانت جديرة أن تجعل منك شخصاً ذو قيمة، ولكنك ضعيف، مغلوب على أمره، كل شئ ضده.. ستقف على حافة العمر يوماً، تندب صمتك، انسياقك، حلمك، آرائك التي دافعت عنها حتى خذلت من الجميع، وبعدها تخاذلت أمامها وسرت معهم حيث يريدون. لن تكون بخير حينها رغم السلام الذي ستكون فيه. أعدك"

وبصورة شخصية، أنا من أشد الكارهين للحياة التقليدية، ومقتنع تمام الاقتناع أن حياة كل منا لا بد أن تكون فريدة، فنحن خلقنا مختلفون، والسعي لحياة مختلفة ليس تمرد على المجتمع كما هو شائع، بل أرى أنك بقتل روح الاختلاف فيك فإنك تتمرد على طبيعتك التي خلقك الله عليها.

في كتابه "الأرواح المتمردة" يحدثنا جبران خليل جبران عن نفس هذا المعنى فيقول:

" يقول لك الوالد "أنت عاق إذا كنت لا تفعل مثلي”، ويقول لك الكاهن "أنت كافر إذا كنت لا تصلي صلاتي”، وتقول لك المحكمة "أنت مجرم إذا كنت لا تتبع شرائعي” . فتجيبهم: ولماذا؟ فيقولون: لأن جميع الناس يفعلون ذلك، فتصرخ متوجعاً: ولكن جميع الناس تعساء .. وأنا أريد أن أكون سعيداً .. فيقولون لك: كن مثل جميع الناس، لأنك لست أفضل منهم، وهكذا يظل البشر على قيد الحياة وأشباح أجدادهم حية في أجسادهم " .

وبالرغم من أنه يتناول الاختلاف بصورة مختلفة بعض الشيء عما أقصده، إلا إننا نجد نفس العائق الذي يكونه المجتمع أمام أي شخص مختلف أو يسعى للاختلاف، وهذا العائق يتمثل في مقاومة المجتمع له بكل الطرق وبشكل يدعوا للتعجب، ستجد تلك المقاومة منهم سواء كان اختلافك في أحلامك كشخص له تطلعات أو في فعل مجتمعي غريب لا يألفه الناس..فالناس أعداء الاختلاف، وفي الغالب فإنهم يخافون منه لأنه يشعرهم بعجزهم وجبنهم وقلة حيلتهم، وأحياناً يكون دافع البعض للوقوف ضدك هو دافع أناني وحاسد، وكذلك فإن النمط الواحد الذي يعيش عليه أغلب الناس جعل تفكيرهم مقصور بحيث يعارضوك لمجرد المعارضة، أو ربما لعدم إدراكهم أن هناك مئات البدائل التي من الممكن أن تعاش عن طريقها الحياة، فيكون الدافع آنذاك..هو اللاشئ أو بالأحرى "الجهل".

من وجهة نظرك عزيزي القارئ: لماذا يرفض المجتمع الإختلاف؟ وهل لك تجارب شخصية عارضك فيها البعض لمجرد اختيارك لطريق مختلف ؟