في قرائتي لأي رواية أو كتاب أو حتى قصة قصيرة نشرت هنا أو هناك، تجذبني الفلسفة الكامنة بين السطور، تلك القدرة العجيبة للكتاب على أن يسرق عقلك لبعض الوقت، لذا قال أحد الكتاب واصفاً الكتاب الجيد بأنه:

"هو الذي تتوقف عن القراءة فيه بين الحين والآخر وتردد..يا إلهي!"

فلسفة الموت!...اسم له مهابة..خوف.. اضطراب، قد لا يحتاج لتفلسف حتى يخيف أو يسرق العقل، ولكن حين يستعمل الكاتب ذلك الموضوع "بالتحديد" في وصف عال الجودة لحدث ما من أحداث روايته كما قال الرافعي واصفاً دفن أحد أصدقاءه الأعزاء في جملة قصيرة عظيمة في بلاغتها فقال:

"وفتحنا القبر وأنزلنا الميت الكريم الذي شفي من مرض الحياة".

أو قد يضع الكاتب فكرة بين السطور تصيب القارئ بالإعجاب أو الدهشة، فهذا مكون رئيسي من مكونات الرواية الجيدة. وهذا ما فعله ويليام شكسبير وهو يصف مشهد قتل يوليوس قيصر."الشهير"

حيث يصف شكسبير لحظة قتل يوليوس قيصر بأنها أبشع عملية اغتيال في التاريخ!

حين خانه كل من وثق بهم يوما، واتفقوا أن يكيدوا به ويقتلوه، فانهال الكل عليه بالطعنات.. و قيصر ما زال واقفاً مغرقاً في دمائه، ورغم قسوة الطعنات وكثرتها لم يسقط .. حتي رأى صديق عمره بروتوس .. مشى يوليوس قيصر نحو صديقه وهو مضرج في دمائه وفي عينيه التمعت نظرة رجاء وارتياح واعتقد أن صديق عمره جاء لينقذه .. وضع قيصر يده على كتف صديقه بروتوس وهو ينتظر منه العون فقام بروتوس هو الآخر بطعنه .. هنا قال قيصر جملته الشهيرة : حتى انت يا بروتوس !! .. إذاً فليمت قيصر .

وسقط قيصر ميتا .. كانت طعنة بروتوس هي الطعنه القاتله ، بخلاف كل الطعنات الاخرى .. لم يطعنه في جسده و إنما في شخصه، طعنه في إرادته، في آماله، طعنه بعاطفته بقلبه بصحبته، سقط قيصر راضيًا بالسقوط معلنا انهزامه .

ففي تلك القصة فلسفة جميلة فعلاً، فهو مزج القتل المادي بالمعنوي، وكأنما يريد أن يقول:

"الخذلان سبب مقنع للموت هو الآخر"

والآن لدي بضعة أسئلة تشغلني بخصوص هذا الأمر، سأحاول اختصارها في سؤالين اثنين؟ كيف للقتل المعنوي أن ينهي حياة إنسان!؟، هل قابلت شخصاً توفى بسبب "حزن أو ضيق أو خذلان"؟!