"كانت قراءة هذه السيرة الجميلة البعيدة عن الإفراط في العاطفة عن شخص يعرف الكثير عن الموت بمثابة التهذيب لي. وسريعًا بعد رحيل ابنها فقدت سوزان عددًا من أفراد أسرتها الآخرين بشكل متتابع ومتسارع، وقد حولها ذلك إلى أن تكون شبه متمرسة في الحزن. ولكن على الرغم من خساراتها فإنها رفضت أن تستسلم لرثاء الذات."

تلك الفقرة قرأتها في مذكرات كوري تايلور بعنوان (في معنى أن نموت). ووقفت عند جملة "شبه متمرّسة في الحزن".

أعرفُ أناساً لا يعرفون كيف يفرحون، ليس لهم إلا الحزن. هو صاحبهم الذي لا يفارقهم. اعتادوا عليه وألِفوه. يقدّرون لحظات الحزن، يعطونها حقها كاملاً غير منقوص. أما لحظات الفرح والسعادة فيمرّون عليها مرور الكرام، كأنها ليست لهم!

لا أعلم السبب وراء ذلك، وهل هو أمر موروث أم مُكتسب، لكنّه في الغالب طبع يتطبّع به الإنسان فيعتاد عليه. أو ربما طبيعة الحياه التي مرّ بها أكسبته هذه السمة.

ينطبق عليهم تلك الجملة الشهيرة التي يرددها روّاد السوشيال ميديا:

من اعتاد على القلق، يظنّ أن الطمأنينة فخّ

تشعر أنهم يخافون لو فرحوا فستعاقبهم الحياه على ذلك لاحقاً. فالأفضل أن يظلّوا حزانى، مساكين حتى لا يوقظوا أعين الحياه عليهم!

هؤلاء الأشخاص - في رأيي - معرّضون أكثر من غيرهم لرثاء الذات والحساسية المُفرطة، ما يقودهم إلى الوقوع في فخّ التشكّي والتذمّر والتعامل مع الأمور بمنطق "عقلية الضحية".

لكن.. لو أنك تابعت قراءة الفقرة المذكورة ستجد جزءاً من الحل لهذه المشكلة:

"ولكن على الرغم من خساراتها فإنها رفضت أن تستسلم لرثاء الذات."

نعم، هي متمرّسة في الحزن، توالت عليها المصائب والصدمات، لكنها على الرغم من كل ذلك لم تترك نفسها فريسة للحزن أبد الدهر. رفضت الركون إلى الشعور (المُريح نوعاً ما) بأنها ضحية ويجب على الحياه أن تصالحها، ويجب على الآخرين أن يعتنوا بها!

احزن، وابكِ، وانعزل، لكن كن حذراً من أن يأكلك حزنك فيقضي عليك. كن حذراً من رثاء الذات.