هل يمكن أن نتصور أن الإنسان يستطيع أن يستبدِل العلاقات الواقعية بالعلاقات الافتراضية؟

وجاهة هذا التصور مقبولةٌ شيئاما، باعتبار الاهتمام الوافر الذي نوليه للعوالم الرقمية (الافتراضية)، ولأننا نتخذها ملجأ وملاذا، وطريقا فسيحا للهروب من الواقع وإكراهاته، والظروفِ وصعوباتها وكل أشيائها غير المريحة، ونظرا لرحابة هذه العوالمِ، واستطاعة المرء أن يزيف فيها الحقائق، أو يخفيها على الأقل.

فنحن في الحياة العادية نجدُ أنفسنا في حاجة ماسة إلى الاستجمام عن العالم الواقع. والبديل الرحبُ، الذي يشعركَ عند بناء عواطف فيه -ناقصة من الوجود الحق- لك لذاذتها وما عليكَ تعبها وترحها، لسهولة الانسلاخ منها هو العالم الرقمي. فالإنسان في العالم الرقمي حرّ في كل شيء حتى في عواطفه التي تتسم بالاستقلالية في بعض الأحيانِ.

في كتاب " الحب السائل" لزيجمونت باومان نقاش مهم وشامل لهذا الموضوع الذي فرض نفسه على المثقلين بالحياة من مرتادي هذه العوالم "الحديثة"، وأنتج هذا النقاش وجهات نظر تستقيم واقعيا قبل منطقيا وعقليا.

سهولة الانسلاخ من العلاقات الافتراضية تغوي كل الموجعين والمتألمينَ؛ فيستغلون دعتها وكل شيء جميل فيها، وإذا كادت أن تشابه ظروف الواقع ينسخلون منها بصمتٍ وهدوءٍ، ولا صوت يعلو إلا صيحاتُ منتصر وجد فرصة للخروج من علاقةٍ لا راحة له فيها.

فما رأيكم؟ هل يستطيع العالم الافتراضي أن يلبي حاجة الإنسان، وتوفير الحب اللذيذ المريح؟