يقول أحد أعضاء الجيش الأمريكي إذا كنا عشرة عملاء، ونظرنا جميعا إلى نفس المعلومات وتوصل تسعة منا إلى نفس الاستنتاجات بالضبط فإنّ العميل العاشر يجب أن يأتي باستنتاج مختلف كليا، بغض النظر عن احتمالية تحققه. 

قد يبدو هذا الاعتراف غريبا أو غير مفهوم، لكن ما ذكره العميل هو استراتيجية شائعة الاستخدام عند القوات العسكرية الأمريكية، وتسمى بالفريق الأحمر، فما المقصود باستراتيجية الفريق الأحمر؟ 

نحن كبشر نملك تحيزات كبيرة لأفكارنا وقراراتنا، على جميع المستويات الشخصية والعملية، وهذه التحيزات غير الارادية تجعلنا نغفل عن الكثير من الأخطاء والثغرات التي من شأنها أن تفسد خططنا، وحتى أكثر القادة العسكريون والسياسيون والاقتصاديون جرأة وخبرة يقعون في هذه التحيزات، وعندما تقع هذه التحيزات على مستوى عالي فإنّ الخسائر ستكون كبيرة. وهو ما يعيه جميع الأشخاص في هرم القيادة على اختلاف مجالات نشاطهم. ولهذا فإنهم يستعينون باستراتيجية الفريق الأحمر، والتي يعرفها ميكا زينكو في كتابه الفريق الأحمر: كيف تنجح بالتفكير مثل العدو على أنها: "عملية منظمة تسعى إلى فهم أفضل للمؤسسة والمنافسين وقدراتهم، من خلال عمليات المحاكاة والتحليلات البديلة، ينفذها مجموعة من الأشخاص الذين لم يشاركوا في عملية التخطيط الأساسية لتقديم انتقادات محترمة للخطة وفضح عيوبها الواضحة. والنتيجة في كثير من الأحيان هي خطة محسنة بشكل كبير مع زيادة فرص النجاح". 

يمارسها أشخاص مدربون، يتمتعون بالقدرة على التفكير مثل العدو، والجرأة على انتقاد المسؤولين والموظفين. 

وهناك نوعين من الفرق الحمراء، نوع أول يمكن استئجاره من شركات الاستشارات الاستراتيجية، وغالبا ما يكون هذا النوع خيار القطاع الخاص، أما النوع الثاني فيتم تأسيسه وتدريبه من قبل المنظمة نفسها، ويُعتمد في المجالات السياسية والعسكرية والأمنية.

وحتى أجعل الصورة أقرب، سأقدم مثالا بسيطا، جميعنا يعرف أن الشركات والمنظمات تتعرض بشكل مستمر إلى هجمات الكترونية من قبل بعض القراصنة، ولسوء حظ الشركات فإن هذه الهجمات تكلفها خسائر ضخمة، في شكل أموال أو معلومات خاصة بعملائها. ولتفادي وقوع هذا لجأت بعض الشركات إلى الاستعانة باستراتجية الفريق الأحمر، و الذين يكون في هذه الحالة مجموعة من الهاكرز الذين تدفع لهم الشركات ليقوموا بهجمات إلكترونية على مواقعها حتى تستطيع اختبار قوة أنظمة حمايتها، ولتعمل على تصليحها فيما بعد. 

ولا يقتصر الأمر على المجال الرقمي فقط، فبعض الشركات التي ترغب في اختبار النظام الأمني في مبانيها تقوم باستئجار فرق حمراء للقيام بهجمات مسلحة على مقراتها، طبعا دون إلحاق ضرر فعلي، لكن لاختبار الثغرات التي يمكن أن يستغلها المهاجمون في حال حدوث هجوم حقيقي. 

لتطبيق هذه الاستراتيجية ميزات كثيرة، ففي مجال الأعمال مثلا يمكنها أن تساعد الشركات على اكتشاف فرص جديدة، كما يمكنها حل المشاكل الغامضة من خلال صياغة حلول هجينة لا تندرج تحت فئة إجراءات التشغيل القياسية، و غير ذلك، تستطيع تقليل نسبة الوقوع في الأخطاء، وتملك كفاءة عالية في تقديم تنبؤات حول شكل منتجات الغد، وتحديات التسويق، والعقبات المالية من خلال تحييد عمى التغيير.

لكن أتساءل هل سيكون للفرق الحمراء هذه مستقبل مع كل هذا التطور التكنولوجي السريع الذي نشهده؟ وهل ستستطيع منافسة جميع الخوارزميات التي تستطيع تأدية مهامها؟

ما هي الاستراتيجيات الأخرى التي يمكن للشركات أو المنظمات الاستعانة بها لتجاوز التفكير الخطي والتحيزات؟

ما هو أسلوبكم لتجاوز التحيزات؟