قبل مدة حدثت جريمة مريعة راحت ضحيتها طفلة في عمرها 15 سنة، الجاني رجل خمسيني جاء إلى قريتها من مكان لا علم لأحد به، وقدم نفسه على أنه رجل مغبون مظلوم جارت عليه الدنيا وطرده أولاده من البنت، فقام أهل القرية باحتواءه وأعطوه عمل " بواب في أحدى العمارات" بعد مدة، قام باستدراج البنت الساكنة في نفس العمارة والتي كانت تحسن إليه أكثر من أي شخص في العمارة، إستدرجها وطلب منها إقامة علاقة جنسية معه، وعندما تمنعت ورفضت، قام بقتلها في مخدعه، الفقير الغلبان لم يكن إلا مجرم بوجه الطيب.
السؤال: لماذا اعتدنا أن نربط دوماً بين الفقر والطيبة؟هل فعلا توجد علاقة بينهما أم أنّ هذه مجرد أسطورة نحب ترديدها كي نخفف قسوة الواقع؟
الفلسفات القديمة والحديثة تتفق على أن الطيبة ليست خاصية لصيقة بالفقر، بل خيار أخلاقي مستقل، لكن من الخطير هو أن نستخدم صورة "الفقير الطيب" كتجميل لمعاناة حقيقية، أو كتبرير للعجز الاجتماعي والسياسي عن معالجة الفقر، لأن ذلك عين الشر كما يرى نيشته، حيث يُمجَّد الفقر والضعف والوداعة باعتبارها فضائل هو تكريس لأخلاق العبيد السيئة،ففي كتابه جينيالوجيا الأخلاق يرى أن المجتمعات الضعيفة والفقراء رفعوا قيم هشة مثل التواضع والرحمة كفضائل لتبرير عجزهم أمام الأقوياء، فالطيبة النابعة من الفقر ليست فضيلة بل "قناع" يخفي الضعف، الفضيلة الحقيقية يجب أن تأتي من القوة، الإرادة، وخلق القيم الجديدة، لا من المعاناة أو الحاجة.
التعليقات