يولد الإنسان باكياً، والأم تصرخ من الألم، والأب المنتظر يتألم في صمت داخلي… مشهد البداية هذا يُخبرنا بحقيقة قاسية: الحياة تبدأ بالمعاناة. لكن، هذا السواد يمكن أن يتحول إلى بياض، تماماً كما يعقُب الليل شروق الشمس… المعاناة ليست لعنة، بل معلم خفي يصفعك ليوقظك ويقول: "أنت في الوجود، أمام قانون لا مفر منه… إتقن فن المعاناة أو ستغرق في الضباب". المعاناة paradoxal؛ إنها ضعف وقوة في آنٍ معاً… كيف ذلك؟ حين نعاني، نحن نشعر… ومن يشعر، يعيش… ومن يعيش، يتأقلم
العبودية المعاصرة… حين يتحوّل الإنسان إلى آلة في يد إنسان آخر
في هذا الزمن الذي يلمّع نفسه كواجهة رقيّ وتقدّم، هناك حقيقة أخرى نخجل من قولها: نحن نُستَغَلّ كأننا فارغون داخليًا، نَتَذَمَّر كأننا بلا شعور، نُضطَهَد كأننا بلا وعي. الآلة ليست فقط ما صُنِع، بل ما خُلِق، أعني خُلِق الإنسان ومعه الإنسانية، العفوية، الصدق، الكرم، والوجود. عصر اللمعان الخارجي… والسواد الداخلي من هنا يطلب الإنسان حقه، ينشد العدالة والمساواة؛ لكن عصرنا المعاصر، الذي يتظاهر بأرقى إدراك ومعرفة، ليس سوى زيفٍ يُلبّس الإنسان لمعانًا خارجيًا، بينما داخليًا يعاني من سوادٍ داكن. العمل
الصمت بين القوة والضعف
الصمت ! الصمت هو لغة غير مكشوفة، وأفكار ضخمة غير مسموعة. إنه ما يجعل كل كائن يبدو غامضًا، مهيبًا، وأحيانًا شفافًا. الصمت، بين المتانة والانكسار، مثل سفينة تُبحر في أعماق البحر المجهول. هو كيان يدور حول القوة، يجعلنا أكثر عمقًا مثل باطن الأرض، وأكثر سموًّا كسماء لا تُطال. الصمت يعبر عن سلوك الإنسان بلغة مختلفة: الإشارة، النظرة، تعبير الوجه… وهو منذ القدم رمز الحكمة، وفي زمننا أداة للارتقاء الداخلي. لكن الصمت يتحول أحيانًا إلى ضعف قاتل، حين نُطعن بكلمات تغوص