في هذا الزمن الذي يلمّع نفسه كواجهة رقيّ وتقدّم، هناك حقيقة أخرى نخجل من قولها: نحن نُستَغَلّ كأننا فارغون داخليًا، نَتَذَمَّر كأننا بلا شعور، نُضطَهَد كأننا بلا وعي.
الآلة ليست فقط ما صُنِع، بل ما خُلِق، أعني خُلِق الإنسان ومعه الإنسانية، العفوية، الصدق، الكرم، والوجود.
عصر اللمعان الخارجي… والسواد الداخلي
من هنا يطلب الإنسان حقه، ينشد العدالة والمساواة؛ لكن عصرنا المعاصر، الذي يتظاهر بأرقى إدراك ومعرفة، ليس سوى زيفٍ يُلبّس الإنسان لمعانًا خارجيًا، بينما داخليًا يعاني من سوادٍ داكن.
العمل بلا نتيجة… والإنسان يذوب باطنيًا
كيف أصبحنا نعمل لتأمين المستلزمات، وبعد هذا لا نوفرها؟ بل نذوب، نتقشر، ونتألم داخليًا، كأن يومنا مُركّز فقط على الدخل، نُعيد نفس النمط؟
السلطة والاستغلال… هل يمكن للصدق أن يُهدّد مصالحهم؟
وهل الذين يملكون السلطة، والمحلات، والشركات، إن كانوا صادقين وأعطوا كل فرد حقه من العمل، لا استغلاله، سينقص من وصولهم لأهدافهم بسرقة متقنة لعرق الآخرين؟
عبودية معاصرة بوجوه بشرية
هذه هي العبودية المعاصرة، استغلال طاقة الإنسان من طرف إنسان مثله، حاز على المرتبة بحيلة وخداع وجهل، أو ربما حتى بجهد كما يدّعي البعض، لكنهم تجاهلوا إرهاق أخيهم الإنسان.
إنسان يعمل حق ثلاثة… وجوع لا ينتهي
كثيرًا ما نرى شخصًا واحدًا يعمل حق ثلاثة، براتب لا يكفي سوى لتذوّق القليل من الخبز، أو شراء جورب.
فكيف يواجه أبناءه إذا اشتهوا شيئًا؟ ومن يعوّض له الساعات التي يجب أن يخصصها لصحة جسده، ونفسه، وروحه؟
الإنسان كومة قدرات… لا آلة إنتاجية
أدعو أن يُرى الإنسان كومة من القدرات العقلية، الذكاء العاطفي، الإحساس، والإبداع، لا مجرد آلة.
لأن كل هذا بسبب أيادٍ تتمسك بحبل يربط أيادٍ أخرى، وعقول لا ترى سوى المال، لا الإنسان الذي ابتكر كل هذه الماديات.
سؤال مفتوح… هل ننهض رغم الشلل؟
أبقي السؤال كأمل:
متى يشفى المريض بالإعاقة ويحاول النهوض رغم الشلل؟ لأن الإنسان، حتى إن سقط، يظل له عقل يرى، وصوت يسمع.
العمل أداة للفضائل… لا وسيلة للاستعباد
متى يكون العمل وسيلة للنجاح وتحقيق الغايات، لا عبودية معاصرة بلا فائدة؟
فالعمل يحمل الفضائل، ولا يريدك أن تكرهه، لأنك أنت الإنسان الذي يطوّره، والذنب ليس في المنصب.
---
أنشر هذه الكلمات لأنني أؤمن أن الإنسان يستحق أن يُرى، أن يُحترم، أن يعمل ليعيش لا ليُستَغل…
ماذا عنكم؟ هل تشعرون أنكم أحرار فعلًا؟ أم ترون عبودية خفية تُحيط بنا؟
التعليقات