حين تفسد الطباع ويسود الجهل ويُطبع على القلوب فلا تكاد تبصر الحقائق، حينها تأمل الكون من حولك، تأمل شروق الشمس كل صباح، تأمل تلك العتمة التى تسبق نور الفجر، تأمل النور وهو يسطع، لا يسطع مرة واحدة وإنما رويدا رويدا، هكذا التغيير لا يكون مرة واحدة إنما يكون رويدا رويدا.

إن كل ما سُطر من بيان لا يعدو إلا أن يكون تقرير حالة، أو رصد مشكلة، وإن منحك الدواء فإنه يعجز على أن يحققه لك، لكن وحده الوحى من يمنحك الأمل، من يعطيك الوعد وأنت تعلم علم لا يساوره شك أن هذا الوعد مُتحقق ولو بعد حين، فانظر يرحمك الله لنبى الله إبراهيم حين أمره الله أن يبلغ بالحج، نظر النبى لواقع يقول أن لا بشر فلمن يارب سأبلغ، لكن الله أمره أن عليك الأذان وعلينا التبليغ، وهكذا فى كل أمر(إن عليك إلا البلاغ)، بينما النتيجة فدعها لحكيم لا يعزب عنه مثقال ذرة فى الأرض ولا فى السماء.

الإنسان بطبعه ينسى يحتاج على الدوام لمن يذكره، فمن رحمة الله بنا أن أرسل لنا القرأن وضمن لنا حفظه، فلا تصل إليه يد لتحرفه عن معناه، فالقرأن هو كتاب السماء، الذى به تقرر الحقائق ، الحقيقة التى لا تتغير وإن تغير كل شئ، الحقيقة التى رُكزت فى الطباع، فإن خالفتها الطباع انحرفت وفى إنحرافها عذاب لها.

إن الوحى يحثك على الأمل ولو كنت على أعتاب الموت؛أليس الموت بوابة لحياة أخرى، فالموت ليس فناء بل هو بعث لحياة لا موت فيها؛إن قامت الساعة وفى يد أحدكم فسيلة فإن استطاع أن يغرزها فليفعل؛ ولعل قائلا يقول وما الفائدة ستقوم الساعة، لكن نصوص الوحى يفسر بعضها بعض، فحديث أخر (من مات فقد قامت قيامته)

فالساعة هنا يقصد بها ساعتك أنت، وتلك الفسيلة ستكون لمن بعدك ينتفع بها، ستكون أثر خير لك بعد رحيلك، ويا حبذا أن تموت وذكرك فى الناس خالد.