نحن في زمن انقلبت فيه المعايير وأصبحنا نسمي الأشياء بنقيضها حتى نستمر في العيش، من يأخذ الرشوة يسميها هدية، ومن يمر بنزوة يسميه حب، والكذب مجاملة، اللامسؤولية غفلة، حتى الخيانة أصبحنا نسمها غلطة والخلاعة حرية..الخ....لكن لماذا هذا التشويه في القيم وهذا الانقلاب غير المعقول في أهم وأعمق المفاهيم الأخلاقية لدينا؟
اخترع أميل دوركهايم مصطلح مخصوص لتفسير هذه الظاهرة، وهو مصطلح الأنوميا Anomie أو اللامعيارية، إذ يقول بأن المجتمعات عندما انتقلت من القروية والبداوة الى الحضر والمدن، تغيرت المعايير الاخلاقية المتفق عليها سابقا وحصل تضارب فيما بينها وغابت الشرعية في الأنظمة الاجتماعية، وبالتالي فقدت المجتمعات بوصلتها القانونية والأخلاقية وتراجعت سلطة المحاسبة والعقاب الأخلاقي الذي تمارسه المجتمعات التقليدية على أفرادها، هذه الأخيرة كانت هي الأساس للنظام المعياري والتنظيم القيمي للمجتمع وهي التي توجه السلوكات البشرية فيها وتحدد معاني القيم المتداولة فيها، لكن بعد ان تلاشت الجماعة وحلت محلها الدولة، لم يعد هناك مرجع موحد للقيم، فأصبح كل فرد يخلق مفاهيمه حسب مزاجه وما يعتقد أنه صحيح.
في رأيك هل انعدام المعايير هي طريقة جيدة للعيش ونقلة ايجابية من شأنها ان تساهم في تطور الجنس البشري، أم أنها تهدد بقائه وتحد من قدراته؟ وماهي القيم التي يجب أن تندثر والقيم التي يجب أن يتم التمسك بها حسب رأيك؟ ولو كان بإمكانك اعادة قيمة واحدة فقدها الناس في هذا الزمن ، ماذا ستكون؟
التعليقات