لنجعل هذا العنوان مبسطا ونبتعد عن أي محاضرة أو سرد، كيف يمكن أن نحكم على أحد أنه متعلم أو عالم؟

في هذه المساهمة سنعتمد على نموذجين: دكتور جامعي، وفي المقابل بائع الكتب الطاعن في السن..، وسنحاول أن نعرف لماذا السؤال الفلسفي عموما وهذا السؤال تحديدا يكون جوابه صحيحا في كلتا الحالتين (نعم المعيار هو الكم) و (لا المعيار ليس الكم).

لابد أننا نتفق على أن الفارق بين النموذجين هو الشهادة، فقد يكون مستوى العم بائع الكتب متوقفا عند التعليم الإعدادي، بل قد يكون مستواه ابتدائيا وما قدرته على القراءة سوى نتاج حفظ القرآن ثم مطالعة الصحف.

بينما على الجانب الآخر يكون الدكتور متقلدا أوسمة أكاديمية عديدة وقد مر على محطات طويلة في سلم التعلم.

الإجابة الأولية قد تكون أن الدكتور أو الباحث أكثر علما، هذا إن لم نقل أنه المتعلم الوحيد هنا..! لكن لمَ لا نعرض جوانب أخرى:

  • أن الدكتور قد انشغل بأمور إدارية أبعدته عن متابعة جديد مجال تخصصه وأبطأت من إنجازه لصفحات بحثية أو حتى مقالات تغذي تخصصه من جهة وتنعش ذاكرته من جهة أخرى.
  • على الكفة الأخرى فبائع الكتب الهرِم متقاعد ولا شيء يشغله سوى مطالعة الكتب التي يعرضها في مكتبته.

أمام هذا الافتراض حتما سنعلي كفة الشخص بائع الكتب على حساب الباحث الأكاديمي، فما العمل لتسوية المسألة وتجنب التناقض الواقع في الاختيار؟

يندرج الموضوع في خانة الإبستيمولوجيا أو المعرفة، بالنسبة للفلاسفة منذ القدم كانت مسألة المعرفة من أكثر الأمور تعقيدا وإثارة للجدل فيما بينهم، فلو سألنا "ديكارت" أن يفصل في المسألة هنا لأجابنا بأن كلا من الدكتور والمكتبي يملكان عقلا، وهذه المَلكة -أي العقل- هي أعدل الأشياء توزعا بين الناس، فأكثرهما حرصا على استغلال وتغذية هذا العقل سيكون الأكثر علما.

هذا بالنسبة للتيار العقلاني، ماذا عن التجريبيين مثلا؛ "بيكون" سيختلف عن العقلانيين في المبدأ ولكنه لن يختلف في النتيجة، سيقول أن أكثرهما بحثا وتجريبا سيكون أكثرهما علما.

ففي النهاية ستسقط هيبة الشهادة والمكانة الأكاديمية ويبقى الجهد والبذل هو المعيار، وسيكون حينها الجواب [أجل معيار العلم هو الكم]

وبالنظر إلى الموضوع من زاوية أخرى؛ سيكون لدى الباحث الأكاديمي فرصة الحصول على منح دراسية ودعم وزاري ووضع مادي مريح يساعده على التجريب أكثر وكذا تقنيات بحثية تساعده على التحليل والاستيعاب أكثر، فيكون حينها الجواب [كلا، الكم ليس معيارا للعلم]

فما قولكم؟ هل معيار العلم هو الكم أم الكيف؟

وكيف ترون الفلسفة؟ هل هي تحاول الوصول إلى إجابات أم أنها تعقد الأمور أكثر بتجزئتها للإشكالية إلى مشكلات؟