يقول الفيلسوف الفرنسي ايمانويل لينفيناس ذات نص أن ما يمنعني من قتل شخص آخر هو الوجه ! وما يجعلني إنسانا قادرا على الحب هو الوجه ! فماهي أهمية الوجه؟ وكيف ترى الفلسفة الوجه البشري وما أهميته؟
يعتقد ليفيناس أنه لا يمکن لأي شخص قتل شخص آخر وهو ينظر إليه وجهاً لوجه مبرراً لأن الوجه هو الذي يحرم ويمنع الشخص من أذية الأخر الذي تنظر في عينيه ووجهه، فالذات الإنسانية هنا تتحول من کونها حارسة لوجودها الخاص إلى کونها حارسة للآخر، لذلك نرى مثلا في أفلام القتلة والعنف أن الشخص القاتل يقتل الشخص من بعيد أو يغدر به من الوراء ولا ينظر في وجهه، لأن النظر في الوجه كما يرى ليفيناس يثير الشعور بالمسؤولية تجاه الأخر ودعوة للصدق والتعايش، ورغبة في التواصل والحوار ونبذ العنف.
يقول لفيناس بأن الوجه صانع المعاني التي تعجز اللغة عن التعبير عنها، وهو ما يعكس هوية الذات وجوهرها، لكن الوجه بالنسبة له ليس فقط العيني والفم والأنف، بل كل ما يظهر أو يبديه الإنسان للأخر، وبدون لوجه لا يمكن أن تكون هناك علاقة بين الانسان والأخر ولا يحقق الوجه غايته أو يعبر عن ذاته إلا في وجود الأخر، لذلك فالعلاقات الإنساينة في أساسها هي علاقة وجه لوجه بحيث يكون كل وجه مختلف ومستقل عن أي وجه انساني اخر حتى لو تشابه مع اخرين .
لكن البشر يعملون على إخفاء الوجه بالاقنعة لأغراض المختلفة، لكن رغم وجود قناع يبقى الوجه موجود ضمنيا فيه ويعكس اختلاف الأشخاص عن بعضهم، و يمكن لشخصين مختلفين أن يصيرا متطابقين تماما إذا ما وضعا القناع ذاته، ما يعني أنه لا يمكن أن يكون وجها، لذلك تسقط كل الاخلاقيات في وجود القناع لأن الوجه الذي يدفع لتحمل مسؤولية حماية الأخر غير موجود بالتالي لا مانع من انتهاكه.
السؤال الذي يمكن أن نسأله ها هو: كم قناع يمكن أن يختفي الأنسان وراءه؟ وهل عدد الأقنعة مهم بالفعل ؟ هل العلاقات عن بعد اليوم في وسائل التواصل المبنية على مراسلات كتابية فقط دون رؤية الوجه هي علاقات حقيقية؟ عندما ترى وجه لا ترتاح إليه هل تبتعد عنه مباشرة أم تعطيه فرصة حتى تتأكد من أنه لا يستحق؟
التعليقات