أسوء ما أنتجته البشرية الى الآن: القنابل النووية والأفلام الإباحية، ربما الثانية أسوء، لكن لماذا لا يتم مناقشة موضوع الإباحية بشكل جدي في النقاشات العامة للحد من خطرها؟ ومن الأساس لماذا يحب بعض البشر هذا القرف المدمر؟

يقول الفيلسوف السلوفيني سلافوي جيجك أن الجنسانية البشرية منحرفة بالفطرة، ومتطرفة في الخيال وعرضة للانتكاسات السادو-مازوخيّة ولتمازُج الواقع وبالخيال، والسبب في نجاح الإباحية وسيطرتها على البشر هي أنها تنجح دوما في خلق ترابط غريب بين الواقع والخيال دون أن تعطينا أي منهما، ببساطة الإباحية تعطينا الجانب الأخر الذي تكبته السينما، وتدخلنا في عالم الأسرار الذي بمجرد أن نتخطى بابه نستطيع رؤية كل شيء، لذلك لا تهتم الإباحية بالحبكة الرومنسية أو القصة العاطفية التي يبنى عليها اللقاء الجنسي.

 يعتقد جيجك أن هذا النوع من الأفلام هو نوع محافظ جدا من الفن على عكس ما نظن نحن وهذا ليس إطراء بل كارثة وسبب إدمانه، وذلك لأن:

  • الإنتاج فيها محافظ على قواعد فنية ثابتة كلاسكية ورقابة شديدة على صورة نمطية واحدة للإنتاج بحيث تجعل المشاهد يحفظ نفس القالب دائما .
  • من قواعدها أنها تمنع أي حبكة عاطفية مقنعة ولا تقدم قصص جدية تبرر الممارسة الجنسية .

من قوعدها أنها تقطع الجانب العاطفي عن الجانب الجنسي .

  • أنها توفر ما لا توفره السينما، فتسرب الاحداث التي لا يمكن عرضها في أي مكان أخر ...وهذا يعني أنها تتاجر بالممنوع بجعله حصريــــــــــــــــــاً وتحتكره وفتجعل الناس عبيد له لأنهم لن يجدوه في غيرها وسيقبلون بأي شي تعرضه.

كل هذه هي سلبيات مدمرة لا أحد يلاحظها...فلو كانت الافلام الاباحية أفلام حرة غير مقيدة وغير محافظة على قالب واحد فلا أحد سوف يدمن عليها لأنها غير واضحة القواعد .

ولن تكون مادة إدمانية إذا كانت هناك أنواع فنون تعرض ما تقدمه هي... فالحصــــــرية والاحتكـــــــــار سبب من أسباب كونها دوامة لكل من يدخل لها، في النهاية جيجك سكشف لنا اللعبة الحقيرة التي تلعبها علينا الأباحية في جملة بسيطة: يمكننا أن نحصل على فيلم عاطفي ممتع، لكن يجب إيقافه قبل إكمال المشهد الحميمي في السينما، أو يمكننا مشاهدة الفيلم كاملا لكن دون الاستمتاع بالقصة العاطفية وهذه بالضبط هي حالة الانفصال النفسي التي يعيشها أي شخص يشعر بالوحدة أو الرغبة، وهذا ما يجعلها مادة إدمانية أكثر فأكثر.

في رأيك ما هو التأثير العقلي الذي تخلقه الإباحية ويجعل منها مادة إدمانية؟ وإذا كانت الإباحية شكل من أشكال الإنحراف السلوكي الإدماني، لماذا تصبح أقوى وأكثر جاذبية عند مشاهديها من الممارسة الطبيعة؟