طيلة حياتنا نحتفل الأعياد دون أي وعي بأصل فكرة العيد، ومعناها الأساسي وكيف تطورت لتصبح على عدة أشكال ومسميات، وبما أننا على بعد ساعات من واحدة من أهم الأعياد الإسلامية وأولاها، أجد أنه من المهم طرح هذ السؤال كمدخل لمعايدة ثقافية، ما هو العيد؟ ولماذا وجد وما الغاية منه؟ لماذا تتفق كل الحضارات والأديان على تقديس الأعياد؟

يهمنا أن ننوه أن العيد ليست مجرد فكرة دينية، ولن يتم النقاش حولها من وجهة نظر دينية، بل من وجهة نظر فلسفية؛ انثروبولوجية تاريخية، ليس تهربا من الدين بالضرورة ولكن لأن فكرة العيد نفسها هي فكرة قدوسية، والمقدس ليس دينا فقط بل هو فكرة تحمل كل المعاني الإنسانية والدين جزء منها فقط.

يقول فلاسفة الدين وعلماء الانثروبولوجيا الدينية بأن فكرة الاحتفال بالعيد هي فكرة أقدم من الظاهرة الدينية نفسها، إذ تعود الى العصور السحرية التي كان يؤمن فيها البشر بالأبطال الخارقين والشخصيات الاسطورية ثم تعززت بظهور ما يسمى بالشعور الديني، يقول أوتو في كتابه " المقدس" بأن فكرة العيد جاءت لتشبع رغبة الإنسان في العيش من جديد في زمن الأبطال الخارقين، ومنها جاءت فكرة مرسيا إلياد بأن العيد هو محاولة للعودة للزمن الأول، زمن الخير المطلق والآلهة والأبطال، والاتحاد بهم، فالإنسان بطبيعته يقسم العالم الى قسمين، عالم مقدس مرتبط بالالهي والأسطوري وهو عالم الخير والجمال والحب والسعادة، وعالم مدنس أرضي هو العالم التاريخي الذي يعيش فيه البشر منفصلين عن الآلهة، ففكرة العيد هي محاولة لإحياء زمن المقدس في الحاضر المدنس عن طريق طقوس تضمن هذا الاتصال بين العالمين، مثل الصلاة أو الذبائح او الاغتسال بمواد الأرض مثل الماء المقدس والنار المقدسة..الخ

تكمن عبقرية فكرة العيد في نظر مرسيا إلياد في قدرة الانسان على الانتقال من زمنه الحالي إلى زمن مقدسه، هذا لانتقال يعيد له المعنى الذي فقده بسبب العالم المدنس ويعطيه أمل جديد، وهنا أهم ما يعطيه العيد للبشر هو إمكانية الولادة من جديد، فالانسان في كل حول وباكتمال دورة عام كاملة التي تتوج بالعيد، يعتقد أنه يخرج من دنسه، ويصبح طاهرا من جديد ويتخلص من ادران العام الماضي وهذا ما يعطي للشخص البهجة والسعادة.

الان أخبرني : هل كنت تعرف هذا التحليل الانثروبولولجي لافكرة العيد؟ وما رأيك في هذا التحليل من زاوية منطقية وتاريخية بعيدا عن الخوض في جدال ديني؟ ماهو العيد أصلا في رأيك؟