مع بداية كل عام يسألني طلبتي الجدد الملحقين بصفوف الفلسفة نفس السؤال: لماذا الفلسفة صعبة ولماذا علينا دراستها إذا كانت مُقلقة ومُتعبة؟، وككل عام أتقصَّدُ أن أزرع بينهم فتيل الجدال: وأرمي عليهم سؤالي المعتاد وأهرب: وأنتم ما رأيكم، لماذا يا ترى تعتقدون أن الفلسفة مضنية وشاقة وإن كانت بالفعل متعبة كما تضنون هل هي من اختارتكم أم انتم من اخترتم هذا لانفسكم؟ وكالعادة يجيب أحد الطلاب بـأن الفلسفة ليست صعبة في حد ذاتها، بل الحياة ومشاكلها هي مكمن الصعوبة، ويجيب آخر بأن الفسلفة رغم صعوبتها ممتعة وهذا ما يجعلها خيار جيدا لأنها لعبة العاقلين الأقوياء، ويجيب آخر أنه مجبر على أن يفهم الفلسفة لكي يتعلم منها كيف يعيش حرا وإنسانيا..الخ

لكن استوقفني احد الطلبة يوما على غرار العادة بإجابة تبدوا اكبر من عقل طالب في بداياته، يقول بأن الفسلفة عبث وأن العقل البشري منجذب بطبيعته للألعاب العبثية والمشكلات المفتوحة الحل التي لا يمكن ان تجد لها نهاية أبدا لأنه يستمتع بالألم الناتج عن التفكير في المشاكل كنوع من اللذة غير العادية، طبعا لا اتفق مع اجابته على أي حال، لكن ما يهمني هو طريقة الإجابة المختلفة والمتناسقة من طالب كهذا تجعلني اركز على طريقة بناءه للفكرة نفسها بصرف النظر عنمدى صحة اجابته، وهذا هو صميم الفلسفة، فهي لا تهتم بنوع الإجابات أو بمدى صحتها، بل تهتم بكيفية بناء الرؤية والتفكير في المفاهيم والمشكلات الموجودة.

طبعا، لا احتاج أن أشرح موقف الفلاسفة في هذه الفكرة، فالكل متفق على ان الفلسفة هي قارب النجاة الذي لابد من ان نركبه للابحار الى العالم الاخر الآمن مهما كان البحر عاصفا وشاقا، لسناا مخيرين في هل نخوض في الفلسفة أم لا لان الأمر محسوم، وفي النهاية الفلسفة ليست صعبة كما يظن الجميع، ربما هي اشبه بالسهل الممتنع ، لكنها ليست أبدا مستحيلة ، نعم هي موجعة لكنها تعطينا لكمات مفاجأة لكي نستيقظ .

وأنت: ما رأيك أولا في رأي الطالب أعلاه؟ ماذا تعتقد عن الفلسفة، لماذا تظن أن علينا أن ندرسها رغم أنها تجلب لنا بعض الألم وتوقعنا في محن وجودية صعبة؟ وإذا لم تفعل بعد هل تفكر في فعل ذلك أم لا ولماذا؟