كم هي ثقيلة تلك العلاقات التي ترهقنا يوميا وتلزمنا ببيع أهدافنا وأحلامنا ومبادئنا للأخرين، الذين لا يعلمون شيء عن ذواتنا العميقة، تلك العلاقات التي تدفعنا نحو نسيان من نحن في سبيل نيل الرضى والقبول والاحترام، والتي ما تلبث حتى تصبح طبيعتنا الثانية التي ستشعرنا بالاغتراب عند كل محاولة تغييرها، فكم مرة حاولنا أن ننتقد مدراءنا على تجاوزات بحقنا في العمل؟ أو نعارض آبائنا على أفعال تنقص من قيمتنا وصورتنا الذاتية؟ كم مرة حاولنا أن نكون نحن ولم نسطع؟

في مقولة جميلة للفيلسوفة سيمون فايل تقول بأن نكون نحن أنفسنا هي أعظم مهمة علينا أن تكافح من أجلها، نعم علينا أن تكون أنانيين، وليس الأنانية بعيب كما يصور إلينا، بل لأنها الخط الدفاعي الأقوى والأهم عندما يتعلق الأمر بمصيرنا، ليس فقط مصيرنا في العالم بل أمام أنفسنا أيضا، فعندما نجد أنفسنا في حالة إهانة وكمون وركود بسبب شيء ما وكان بالنسبة لها هو العمل في المصنع، تقول أن علينا أن نكون أنانيين في البحث عن كرامة وعزة وحرية أكثر ونكون على علاقة مباشرة بالحياة التي ينبغي لها أن تكون، لا تلك التي وضعت لنا.

علينا أن نكون أنانيين في البحث عن سعادتنا وراحتنا الخاصة دون أن نؤذي بها غيرنا، ففي الوقت التي تكون التعاسة مصيرنا المحتوم، تكون الأنانية هي الفعل الإنساني الأكثر خيرية حرفيا، تأمل معي:

لو أنك كنت في عداوة مع شخص ما وتكرره لدرجة القرف، التي تحول بينك وبين الحياة، فيتملك كرهك كل تفكيرك وطاقتك، ولا تجد في نفسك سوى التعب والأمل في الانتقام، في هذه الحالة ليس لديك سوى حل واحد لتتجاوز هذا الدمار وتكون سعيدا، وهو أن تسامح، والمسامحة فعل أناني، لأنك تسامح لكي تستريح، لا لكي تعفوا عن من ظلمك فعلا، وربما لن تتمكن من أن تنسى جرحه، لكنك ستضع نفسك أولوية وتمارس الأنانية بالتسامح ثم التناسي، وفي هذه الحالة فقط ستسترجع عقلك وراحتك وصفاء نفسك وتستطيع العيش حرا منه للأبد.

في رأيك هل الأنانية فعلا يمكن أن تكون مخرجا جيدا وطريقا آمنا للسعادة؟ ثم ما هو الفاصل بين الأنانية الجيدة والأنانية السيئة؟ وهل تعترف الأخلاق بالأنانية الجيدة كفعل سوي؟ هل لديك تجارب تذكرها عن أفعال أنانية جعلتك أسعد أو أنجح أو حلت مشكلة لديك على الأقل؟