سلام الله عليكم قرات مقالا عن الانانية و مكتوب فيه على انها تولد معنا و تموت معنا و هي جزء من العقل و النفس البشرية و نموت بها و قد تكون احيانا السبب في موتنا .
هل هذا صحيح من وجهة نظركم فقط؟
أحب الاتجاه بهذه المساهمة إلى المصدر التي يجب أن تتعامل معه وهو مفهوم علم النفس التطوري، حيث أنّ من وجهة نظر تطورية ربما كان لبعض السلوكيات التي تخدم الذات مثل إعطاء الأولوية للبقاء والبحث عن الموارد مزايا تكيفية في بيئات أسلافنا، لكن التعاون والتعاطف لعبا أيضاً أدواراً حاسمة في التطور البشري، وبالتالي يجوز ذلك حتى من بيئة علمية كالتطور، بالعموم تحتوي أدمغتنا على أنظمة تحفز النظام الاجتماعي الإيجابي على التعاون والمشاركة والاهتمام بالآخرين وبالمقابل هناك النظام الأناني الذي يعطي الأولوية لاحتياجاتنا ورغباتنا، ما المعنى من هذا الكلام؟ أنا برأيي أنّ الإنسان مسرح لعاطفتين أصيلتين به بدأتا من قدمه، من أوّل خلقه، وهي عاطفة الإيثار وعاطفة الأنانية، حيث يقوم الشخص بأفعال تفعّل جهة على الأخرى يتمّ رسم حياتنا وفق لما نتبناه، لو تنينا الأنانية بالطبع الموت ما ينتظرنا، ولو تبنّينا الإيثار بتطرّف أيضاً ذات الشيء، حيث أنّ واقعي هو ما أفكّر به، ولذلك أرى فعلاً الأنانية جزء لا يتجزّء من الإنسان، شيء إمّا يحفّزه وينشّطه أو يكتمه.
هنالك أيضا وجهة النظر العلمية وكنت قرات فيها فيما يسمى الجين الأناني وكان ظهور هذا المفهوم على يد العالم جورج ويليامز ورغم أن الموضوع مثير وعليه جدال علمي ويسمون هذه الجينات بالجينات الطفيليلة وأنها تسعى للانتشار فقط وليست ذات فائدة للكائن في تطوره ولكنها بشكل ما موجودة داخلنا وهذا ما يفسره ظاهريا علم النفس التطوري ولكنه بشكل ما مسند إلى وجهة نظر علمية عن الجين الأناني.
أعتقد أنّك تقصد كتاب الجين الأناني لريتشارد دوكنز، عالم الأحياء التطوّري، أنا أيضاً أرى أنّ هذا الأمر منطقي جداً وإن كنت عاجزاً بمعرفتي من التحقق من الأمر، ولكن أريد أن ألفت نظرك بأنني مؤخراً وبعد قراءة صانع الساعات الأعمى والجين الأناني لريتشارد بأنني بدأت أتريّث قليلاً في متابعته والأخذ منه بتسليم لما في أفكاره أصلاً محاولات تبشيرية في مواضيع فلسفية دينية، أخاف من هذه الطريقة بالتفكير حين تختلط بالعلم.
أعتقد أنّك تقصد كتاب الجين الأناني لريتشارد دوكنز، عالم الأحياء التطوّري
كتاب دوكنز مبني بالأساس على أبحاث جورج ويليامز،
ودوكنز بالفعل يحاول مزج العلم بأراء شخصية في كثير من المواضيع فهو مرجعية في بعض الأشياء لا أخذها بثقة كبيرة وأكون حذرا في التعامل معه.
اكتشفت ذلك صراحةً حين مررت على كتابه وهم الإله الذي يقوم به باستخدام الوسائل العلمية في سبيل التبشير بأفكار إلحادية صريحة، المصيبة أنّهُ فعلاً وبموضوعية من حيث الفلسفة وطرق التفكير المنطقية واستخلاص النتائج والتعميمات النظرية ضعيف جداً على عكس اسهاماته الأصيلة في ميدان العلوم، خاصة طبعاً اختصاصه في مسألة التطوّر، ولذلك هو رجل برأيي يجب أن نقرأ له حتماً ونتجنّب الانزلاق أحياناً بهفواته وأخطاءه المنطقية، أن نستمع لقوله ونتبع أحسنه إن وجد.
من وجهة نظري، الأنانية ليست ضروريًا جزءًا من العقل والنفس البشرية. يمكن أن تكون الانانية تأثيرًا للعديد من العوامل، بما في ذلك التربية والبيئة. قد تكون هناك قدر من الانانية في الطبيعة البشرية، لكن التأثير الحقيقي يعتمد على كيفية تعامل الفرد معها وكيف يطور توازنًا صحيًا في تفاعلاته مع الآخرين.
فقد تأتينا مواقف تجعلنا أكثر عطاء، ومواقف تجعلنا نتراجع ونكون أكثر أنانية، وأحيانا قدر من الأنانية قد يكون مفيد للشخص.
الأنانية ليست ضروريًا جزءًا من العقل والنفس البشرية.
بل هي جزء أساسي وطبيعي وضروري أيضا لحماية النفس، الفكرة هي أن يتعلم الشخص متى عليه أن يكون انانيا ويكون هذا حقه ومتى لا يكون، فعلى سبيل المثال كل فعل يرفض الشخص القيام به احتراما لحدوده وحماية لحقوقه ولجهده ليست انانية، أما الاضرار بمصالح الآخرين واذيتهم سواء في الفعل أو القول من أجل المصلحة الفردية هي أنانية بحته، وهنا الواجب على الشخص هو إيجاد التوازن بين حماية نفسه واعطائها حقها وأولوياتها وبين احترام مصالح الآخرين وأن يكون العطاء على قدر الأخذ.
لكن في بعض الأحيان حماية حقوقك أو إحترام حدودك يعتبرها الطرف الآخر أنها أذية له و يراك أناني في هذه الحالة، أحد الأمثلة التي مررت بها أنه في يوم ما طلب مني صديقي أن نذاكر سويا لدروس معينة، و أنا كنت مشغول بأمور أخرى، فإعتذرت منه، إلا أنه فهم أنني لا اريد أن نذاكر سويا و أصبحت أظهر أناني في نظره، فكيف يمكننا الموازنة بين هذا و ذاك؟
أنت لست بأناني وتصرفك حق لك، بل من الأنانية منه أن يطلب منك تعطيل اعمالك والذي قد يؤثر عليك بالسلب من أجل أمر يستطيع القيام به بمفرده، ليس هناك ضرر أو مشكلة إذا ذاكر بمفرده بل هذا الطبيعي من الأساس ولا يجب أن يعتمد الشخص في دراسته على وجود أشخاص آخرين أو توافر ظروف معينة والا لن يحرك ساكنا، وما فعله صديقك من اتهامك بالانانية هي محاولة ابتزاز منه ليس أكثر لحثك على تنفيذ ما يطلبه، فإما أن تفعل ذلك واما تكون انت المخطئ! ولهذا أنصحك إذا كنت ترى أنه يفعل ذلك دون وعي أو تعمد منه فيمكنك التعامل مع الأمر بنضج أكثر منه وعند التفرغ من اعمالك اسأله عن الصعوبات التي واجهها أثناء مذاكرته وحاول مساعدته مع إعادة تذكيره أنك رفضت لأن لديك أولويات لا يجب أن تتأخر عليها وأن هذا حقك.
إننا نلاحظ أن معظم الأطفال في فترة من تطورهم يركزون فقط على أفكارهم الشخصية واحتياجاتهم الفورية، وهو ما قد يظهر كسلوك أناني. ولكن يُعتبر هذا جزءًا طبيعيًا من نموهم وتطورهم الاجتماعي، لذلك يعتبر الطفل أكثر الأشخاص أنانية في العالم، وإن النظرة إلى مدى فطرية الانانية عند الانسان تعتمد على الأفكار والآراء المختلفة في المجال الفلسفي وعلم النفس البشرية، فهناك تيارات تعتقد بأن هناك جوانب من الانانية تكون جزءًا من الطبيعة البشرية، حيث يسعى الإنسان إلى تحقيق احتياجاته الشخصية دائما، ومع ذلك يمكن للتربية والبيئة الاجتماعية أن تلعب دورًا في تشكيل سلوك الشخص، وتعزيز قيم التعاون والانفتاح على الآخرين.
التعليقات