كانت مباراة البارحة بين المغرب وفرنسا مباراة تاريخية بامتياز، ليس لأن المغرب استطاعت أن تكون المنتخب العربي الأول الذي وصل للنصف نهائي فقط، بل لأنها مباراة الحقيقة بامتياز، المباراة التي كشفت حقيقة الوعي العربي عن ذاته،و أظهرت مكنونات العربي المهزوم ثقافيا ونفسيا، على صعيد آخر نجد المفارقة الثفافية بين الجزائر والمغرب لم تكن سوى وهما اُريد له أن يصدق ويستمر، وظهرت الحميمة العميقة بين إنسان المغرب وإنسان الجزائر كما يُفترض أن تكون دائما، فبمادا تفسر هذه المفارقات؟

في الحقيقة كلنا أسرى لأوهام تحكم منطقنا في التفكير وبالتالي السلوك والفعل، اذ يقول فرانسيس بيكون أن كل واحد منا أسير لأصنام أربعة هي:

*أوهام القبيلة: أن تميل لتعميم حالات معينة كأن تقول أن أهل هذه المدينة كلهم كاذبون، أو سارقون، أو جاهلة، متعصبون...إلخ وهو الأمر الذي يعتقده اليوم المغاربة عن الجزائريين مثلا بأنهم كلهم يكرهون المغرب، والعكس، ففي هذه الحالة سواء كانوا بالفعل كذبك أم لا في كلتا الحالتين أن كاذب فلا يجوز التعميم مادام هناك إمكانية لوجود شخصين أو ثلاثة عكس ما قلت.

وهام السوق: وهي المغالطات الناتجة عن سوء استخدام اللغة، مثال ذلك مثلا أن الجزائريين يسمون أهل المغرب " المراركة" وهي تعريب لكلمة maroc بالفرنسية، ليس فيه أي مشكل لأن الجزائري بطبعه يفرنس معظم الكلمات التي يستعملها لكن المغاربة يفهمون هذا المصطلح على التحقير، وكل ذلك بسبب سوء فهم لغوي.

*أوهام المسرح: هو تقديس أفكار ونظريات وردت عن شخصيات معينة، فلاسفة أو علماء دون تعريضها للنقاش أو التفكير فيها بطريقة نقدية.

*أوهام الكهف: هي تكوين أفكار مسبقة من خلال بيئتك وتربيتك وتحاربك وجعلها كحقيقة غير قابلة للنقاش والتغيير مثل الصداقة غير موجودة فقط لأنك فشلت فيها .

كل هذه الأوهام تكون لذي الإنسان أحكام واراء مغلوطة للحكم في قدره وحياته، لذلك يقول كارل ماركس الواقع شيء والوعي شيء آخر، لذلك علينا مراقبة واقعنا وفهمه لضمان تفكير أحسن وتشرب أفكار أصح.

في رأيك ما هو الوهم الأكثر شيوعا في أوطاننا اليوم؟ ما هو الوهم الذي تعاني منه أنت شخصيا؟