لماذا الفلاسفة يكرهون المرأة؟ ولماذا المرأة تقرأ لهم إذًا؟

الفلاسفة .. يا لهم من قوم معقدون !

المرأة كانت و لا زالت دائماً القضية التي تؤرق عقول الرجال منذ الأزل ، و بمختلف صفاتهم سواء أكانو فلاسفة أم رجال دين أم سياسيين ، أما بالنسبة للفلاسفة فالأمر بالغ التعقيد لهم ، أن يضطروا للتعايش مع كائن يختلف عنهم كلياً عدا في بشريته ، لا يبدو الأمر لهم قابلاً للتقبل و لا أدري لما على وجه الخصوص ، و لكنني أعتقد أن الأمر متعلق بنظرتهم العامة للحياة فكثير من هؤلاء الفلاسفة سوداويون كارهون للحياة و البشر و الحب ، فكيف يمكن أن تكون في نظرتهم للمرأة شيء من الإيجابية ؟

بالنسبة للشق الآخر من سؤالك ، و هو لماذا تقرأ المرأة للفلاسفة ، فالفلسفة تعد علماً من العلوم التي يمكن للمرأة الإطلاع عليها ، كما أنه لا تعصب في العلم ، فبإمكاني القراءة لشخص أختلف معه في نقطة معينة و لكنني أوافقه في نقاط أخرى و أتعلم منه ، و إلا لماذا يقرأ المسلم لعالم غربي يختلف عنه في الدين ؟ و لماذا يقرأ العربي للغربي ؟ و لماذا تقرأ المرأة للرجل من الأساس ؟

لذا ، يمكنني أن أقرأ نظرية أرسطو عن المرأة و أنقدها و لكنني في ذات الوقت أقرأ نظرياته عن الطبيعة مثلاً و أعجب بها .

اعتقد أن الامر يرجع للطبيعة الفكرية للفلاسفة فدائما ما ينتقدون أشياء كثيرة وليس المرأة بحد ذاتها وأعتقد أيضا أن الظروف القاسية التي مروا بها مثل شوبنهاور الذي تحطمت بداخله صورة الام نظرا لأفعالها السيئة.

ولماذا المرأة تقرأ لهم لأنه في النهاية هذه وجه نظر شخص لابد من تقبلها مهما كانت بعيدة كل البعد عن الحقيقة وتخالف نظرتي مثلما نقرأ لمن لا دين لهم ومثلما نسمع لأي شخص يختلف عنا في الرأي فالفلاسفة في النهاية بشر يحملون الخطأ والصواب ولكن لا يمكننا أن نترك العلم الكثيف الذي تركوه لنا ولا نتعمق فيه لمجرد وجه النظر هذه فالإضافات التي نكتسبها منهم أكبر بكثير من وجه النظر المختلفة 

كامرأة تقرأ في الفلسفة ، فأنا أحترم هؤلاء الفلاسفة ( لا أبرر لهم نظرتهم الدونية للمرأة بالطبع ، و أرى أن ما كتبوه يجب أن يقتطع من نصيبهم في الشهرة و أن يتم نشر هذه الحقيقة و بأنهم قد أخطؤ سابقاً ) ، و لكن هذا لا يعني أن نضرب أعمالهم و علمهم بعرض الحائط غير آخذين به تماماً ، فعلماء الماضي قد أخطؤ و جئنا نحن لنأخذ ما يصلح و نترك مالا يصلح ، فهم لم يقللو من قيمة المرأة فقط بل كانو يظننون أن الأرض مسطحة كذلك !! .

لا توجد إمرأة عاقلة تعرف أنهم من أكبر الكارهين للمرأة تقرأ لهم ، من صديقاتي من كانت تقرأ و لكن المتفق عليه عند النظر عليهن أنهن لم يعلمن أفكارهن عن النساء و أتفق مع الأخت تقوى بأن الإختلاف في نقطة لا ينفي رمي كل أفكاره التي تتحدث عن مواضيع أخرى و لكن بالنسبة لعامة البشر، هذا مستحيل تماما ، نعم نقرأ لكتاب غربيين و لكننا لا نقرأ لمن يشتم الإسلام أو نقرأ كتبه، عادي اقرأ لكاتب يتحدث عن موضوع لا يمس هويتي كحديثه عن الظواهر الاجتماعية أو مواضيع علمية أو حوادث تاريخية و أستفيد منه ، لا يقرأ أهل إفريقيا كتب تمارس العنصرية ضدهم و تدافع عن التفوق الأبيض و أنهم عرق أدنى، لا أقرأ لكاتب و فلاسفة يصرحون أنهم يكتبون لبشر و أنهم لا يعتبرون المرأة من بني البشر، كيف أقرأ لمن يصرح علانية أنه لا يكتب لي و يؤمن بوضاعة عقلي، تبدأ القراءة بإختيار كاتب يحترم عقلك و لا يزدريه ، ناهيك عن عدم اهتمامي بالفلسفة إلا للمقارنة بينها و بين التوجه الديني و ما تبقى ليس إلا هراء رغم احترامي لمحبيه أما سبب حب الآخرين فأعرف الكثير ممن يهتمون له فقط لكونه يشاع أنه علم معقد لا يفهمه إلا القلة المختارة و أصحاب الفكر المتفوق و أن تكون فيسلوف مرادف لأن تكون عبقريا بينما الفلسفة لا ترقى لتسميتها علم حقا و لفهم معنى الوجود و الخلق و الطبيعة فعلم الدين أكثر من كافي بل هو المطلوب و لا تدرس الفلسفة إلا لدحض عليها أو دراسة علم الإجتماع و فهم الحضارات، فالفسلفة بحد ذاتها تنشأ من الظن بوجود تفوق عقلي يختلف عن الخليقة و كل الفلاسفة اشتركوا في هذه العقدة و دوما أول وجهة للرجل الذي يؤمن بتفوقه حتى يزدريه هن النساء فهو يعظم جنسه و كل ما يرتبط بهويته سواء جنس أو أصل بل حتى من إدعى الفلسفة بين العرب مثل مصطفى محمود هو من كبار كارهي النساء و محتقريهم و لا يبرر لهم ما عانوه من النساء سواء أمهات أو زوجات احتقار جنس كامل و لكنه تكمن في العقلية الذكورية التي تصور النساء ككيان واحد لا يتجزأ فقط في الأخطاء و العيوب بينما تعتبر الإنجازات و البطولات حالات فردية و نادرة لا تعمم و لهذا إن أخطأ رجل فهو رجل سيئ و لكن إن أخطأت إمرأة فكل النساء سيئات ، إن ارتكبت المرأة خطأ في عملها خطأ يرتكبه الرجال كل يوم ستجد التعليقات ما قلنا مكانك المطبخ، التعميم على النساء و رد خطأها لكونها إمرأة و ليس لكونها فرد تنم عن العقلية التي ترى في المرأة الأنثى و ليس الإنسان و هؤلاء الفلاسفة واحد من هذا الجمع الضال

لا أرى أن ما ينتهج هذا المنهج الانتقائي على أساس الجنس والنوع يمكن أن نطلق عليه فلسفة، فالعلوم الفلسفية بشكل عام لا تتناول الإنسانية من هذا الجانب، والتفسيرات السيكولوجية على صعيد الاختلاف بين المرأة والرجل من جهة أخرى لا يمكننا أن نطلق عليها كراهية للمرأة أو الرجل. أمّا التمييز، واتهام المرأة والتزمّت في الحكم على المرأة أو الرجل هو شيء بعيد كل البعد عن الفسلفة والفكر الإنساني المختلف والريادي.

بعض الفلاسفة كانت لهم مواقف شخصية مع امرأة معينة عمموها للأسف على كل النساء، كشوبنهاور الذي كانت أمه فاجرة فكره النساء كلهن.

أما لماذا تقرأ المرأة لهم، فببساطة لأننا إن كنا سنقرأ فقط لمن يوافقنا فلن نقرأ لأحد. برأيي المرأة الواثقة من نفسها و المحبة لجنسها كما هي لن يؤثر فيها أبدا أن تقرأ أن سقراط يقول عنها بأنها شجرة مسمومة. أنا قرأت لنيتشه كتاب ''هكذا تكلم زرادشت'' و صادفت في كتابه مقولة (إذا ذهبت إلى المرأة فلا تنس السوط) فهل جعلني هذا أكره نفسي و جنسي و حياتي بكاملها؟؟ و هل هذا لوحده سيمنعني من قراءة كتاب رائع و التعرف على فلسفة جديدة؟

كما لا تنس أن هؤلاء الفلاسفة لم يكتبوا فقط عن المرأة و ليس كل كتبهم محورها المرأة فقط، بل لهم عدة نظريات فكرية و تأملات عميقة و بالتالي تقرأ المرأة لهم هذه التأملات و تفهمها و بالتالي فهي من منظور ما تثبت لهم العكس و أن عقلها قادر على استوعاب هذه الأمور.

كما الفلاسفة في النهاية بشر، يخطئون و يصيبون، و قولهم ليس قرآنا، لذا قراءتي لما يقولونه عن المرأة لا يجعلني بالضرورة أكره نفسي. و في النهاية فذلك رأيهم الشخصي الذي أحترمه و إن كان يخالفني.

لا أرى أن ما ينتهج هذا المنهج الانتقائي على أساس الجنس والنوع يمكن أن نطلق عليه فلسفة، فالعلوم الفلسفية بشكل عام لا تتناول الإنسانية من هذا الجانب، والتفسيرات السيكولوجية على صعيد الاختلاف بين المرأة والرجل من جهة أخرى لا يمكننا أن نطلق عليها كراهية للمرأة أو الرجل. أمّا التمييز، واتهام المرأة والتزمّت في الحكم على المرأة أو الرجل هو شيء بعيد كل البعد عن الفسلفة والفكر الإنساني المختلف والريادي.

الحقيقة أن لي نظرة مختلفة عموما في موضوع الفلسفة والفلاسفة، فأنا أرى أن الفلسفة عموما مجرد هراء ومضيعة للوقت وهي لا ترقى لكونها علما، ربما اكون مخطأ في هذا لكن هذه وجهة نظري.

حتى عندما يتحدث العلماء أو يتناقشون في أمور ما عندما ينتقدون أحد الأراء يقولون هذه نظرية فلسفية، في إشارة إلى كونها عديمة القيمة وغير معتمدة على اي أدلة.

لذلك لا اتعجب عندما أرى أن الكثير منهم لهم أراء غريبة ليست مبني على أي دليل او منطق أو فائدة علمية، أفلاطون نفسه كان يرى ضرورة الكذب والخداع للحفاظ على نظام المجتمع، ونظام يوتوبيا الذي وضعه لمدينته الفاضلة الموهومة كان يرى أن الطبقية والديكتاتورية هم أفضل نظام حكم للحفاظ على هذه المدينة، وغيرها الكثير من الترهات، لذلك ليس من الغريب ان يكون هذا رأيهم.

أما لماذا تقرأ لهم النساء فليس لدي إجابة، بل إنني أتساءل لماذا قد يضيع أحدهم وقته في قراءة الفلسفة أصلا؟ ربما هو ادعاء الثقافة الذي أصبح ظاهرة مجتمعية

فطالما هؤلاء الفلاسفة يحملون نظرة سوداوية تجاه المرأة، إذّا لماذا تقرأ بعض النساء كتبهم والسؤال الأهم لماذا هم يكرهون المرأة؟

في تقرير مثير للدهشة وجدت بالفعل ان نسبة مشاركة المرأة في دراسة الفلسفة او حتى التدريس في المواد الفلسفية لا يتعدي 20% وان 80% يتصدر له الذكور؟ وان هناك بالفعل تبرير يؤكد أن التركيبة الأنثوية للمرأة تجعلها تتراجع بالرغم من كل عوامل التمكين وبل تتهم الرجل بأنه لا يشارك المرأة في أعمال البيت او أعمال تطوعية أخرى وانه أي الرجل يترفع عن القيام بذلك ويعتبر ان المرأة بتركيبتها هي المهيأة فقط للقيام بها!

الأكثر دهشة هو ما قرأته في دراسة نشرت في عام 2008 ، حيث تطلق الفيلسوفة النسوية في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا سالي هاسلانجر صرخة في مجلة أكاديمية تندب فيها أن الفلسفة قتالية  و "ذكورية مفرطة". وقد  دعت هاسلانجر "النسويات الراسخات" إلى تنظيم ومقاومة "ذكورة فضاءات الفلسفة".

 بعد أقل من 5 سنوات وفي بحث آخر وجدت مقولة للفيلسوفة لويز أنتوني تقول فيها أن الفلاسفة يعتبرون أنفسهم أكثر ذكاءً من الآخرين وأقل عرضة للتفكير المشوش. هذا يجعلهم يقاومون بشكل خاص تصحيح تحيزاتهم اللاواعية تجاه النساء.  

بالعودة الى المحتوى وهل هناك نظرة دونية للمرأة وانها أقل قدرا من الرجل، نتساءل هل طبيعة المجتمعات وعمل المرأة في تلك العصور أوجدت تلك الفكرة أم أن هناك تقاليد وظواهر كان يؤمن بها أثرت على أفكار هؤلاء الفلاسفة؟

أحترم هؤلاء الفلاسفة جداً، ربما لأنني سانظر للأمر نظرة مختلفة عن ما قد تبدو عليه.

لأنني أظن هؤلاء كرهوا المرأة التي عرفوها.. كيف؟؟

اقرأ عن المرأة لدى الإغريق واليونانيون؟؟ إنها نظرة الدونية، ولدت لتكون عبدة وخادمة وملبية شهوات، محرومة من الإرث، ومن الحريات ومن أمور كثيرة جداً.

لفلاسفة كـ أرسطو وأفلاطون يرون أنها بعيون المجتمع ليست أكثر من عبدة معدومة الحقوق، وبأنها ترتضي ذلك وتتقبّله وتسير فيه، فهل تظنهم سيحبون هذه النسخة منها؟؟ بالتأكيد لا.. سيكرهون تلك البلادة التي تجعلها تصمت ولا تطالب بحقوقها.

لنأتي الآن لشوبنهاور.. فتاً انتحر والده وهو ما يزال يافعاً، ليرى والدته تعيش الحياة بالطول وبالعرض تتبع شهواتها ورغباتها دون أيّ وازع أخلاقي أو ديني أو مجتمعي وتنسى أنّ لها ابناً يحتاجها أماً وأباً، لشاب في السادسة عشرة أو السابعة عشرة كيف تظنه سيرى النساء وأمه (مثله الأعلى تمثّل الانحطاط بكلّ ما فيه)؟

إن النظرة الدونية للمرأة لا تختلف عن النظرة الدونية لأصحاب البشرة السوداء، فحتى وقت قريب كان ينظر للمرأة ولأصحاب البشرة السوداء بطريقة بشعة ،فلو قمنا بالبحث سنجد أن الفلاسفة وصفوا العبيد السود بأوصاف مشابهة، وأن الرجل والرجل الأبيض أسمى وأحق بالعيش وبالفضيلة من غيره، وهؤلاء الفلاسفة عاشوا في مجتمعات تبني هذه الأفكار وتعززها، ولا يمكن أن ينفصل الإنسان تمامًا عن بيئته التي تربى فيها مهما بلغ من التعقل و الحكمة، والفلاسفة بشر يصيبون ويخطئون، وإذا كانت أطروحاتهم فيما يخص المرأة مغلوطة، فلديهم أطروحات أخرى ذات قيمة لا يمكن إنكارها، وأنا ك إمرأة أقرأ لهؤلاء الفلاسفة وأتبنى بعض الفلسفات والأطروحات، وأنكر بعضها الآخر.

الجميل فيةالفكر أنه حر، يمكن أن تأخذ ما يناسبك من كل بئر تمر عليه ولا ينقص هذا من قيمة فكرك شيء.