قد يبدو العنوان غريباً لقارئه..لكنه في الحقيقه يصف الحال التي انا عليها اليوم..
فأنا إمراه قد شارفتُ على الخمسين ..وقد قدر لي الله الحصول على وظيفة معلمه في مدرسه حكوميه منذ عهد قريب لم يتجاوز العامين..
اللافت في هذا الأمر هو رفضي القديم الحديث لموضوع العمل..فلطالما كنت ارى في عمل المرأه سلباً لمكانتها الملكيه التي حباها الله اياها في ظل من يعولها..لا سيما إن كانت في كنف القادر مادياً على رعايتها..
وعلى سبيلي الشخصي فقد حظيت بزوج مكافح ومناظل لأجل الكسب الحلال ..فلم يشعرني يوماً بأي عوز ..ولم يبد لي إلا كرمه وسعته في الإنفاق..الأمر الذي عزز عندي تلك النظره السلبيه لعمل المرأه ...
المهم... قدر الله لهذا الرجل الطيب أن يتوفاه الله فجأة إثر نوبة قلبية حاده وقد تزامنت هذه الفاجعه مع موضوع تعييني كمعلمه..
وكنت أحسبها الفاجعه الوحيده في حينها ..
لكنها في الحقيقه كانت أول الفواجع فقد اكتشفت بعد وفاة زوجي عليه رحمة الله ذلك الكم الكبير من الدين الملقى على عاتقه فكانت هذه هي ثاني مصائبي ...وعندها أيقنت أن لا سبيل لرفض الوظيفه..بل إنها باتت ضروره لابد منها فقبلتها وأنا لها كارهه...
وهنا بدأت رحلتي مع فاجعتي الثالثه حيث باشرت العمل فصدمت بواقع وظيفي غريب جداً ..
فلم تكن ظروف التعليم كتلك التي عهدتها وقت تخرجي من الجامعه أي قبل ثلاثين عاماً تقريباً..
فقد ارتقت اساليب التعليم لتواكب التقدم التكنولوجي الذي يتطلب الالمام بالعمل الحاسوبي الذي لم اكن افقه منه شيء ...
وبالعديد من الاستراتيجيات التعليميه الحديثه التي لم أدرك منها إلا إسمها!!
وبأنماط تعليميه تتطلب تأسيسا حديثاً لا تقليدياً بالياً ..
ولك ان تتخيل كم الاحراج الذي كان يصيبني إذا ما وجدتني أمام موقف يتطلب مهارة التعامل مع هذه المستجدات ..لدرجه كنت أشعر معها برغبتي بالدخول في (الحيط) خجلا وارتباكا ..
وكل هذا بميزان وصعوبة العمل بدنياً بميزان آخر ..
فالظاهر أنه ولكي تكن معلماً ينبغي أن تكون قادراً على السير الحثيث لملاحقة الطلبه دونما توقف والوقوف لفترات طويله أثناء تأدية الدروس بل وعليك ان تكن صاحب حنجره قويه لتصل بصوتك لابعد السامعين ...
ولكم كان يعزّ علي سني هذا الذي اضطررت فيه على أمر لم أرغبه حتى في شبابي لكني أقبله اليوم على مضض ..في الوقت الذي أرى فيه صديقاتي يشارفن على التقاعد..ولطالما بكيت في سري وفي علني سائلة الله عز وجل أن يجعل لي من لدنه فرجا
أنا الآن أقف في نقطة الوسط تماماً..وعلى مفترق طرق صعب جداً ..
ولا أملك قراراً بالبقاء في الوظيفه أو تركها فإن تركتها خشيت الفقر..وإن لازمتها خشيت الهلاك فإلى أي سبيل أمضي لست أدري.
التعليقات