لماذا يفترض بنا ألا نهين شخص أمام أولاده؟

برأيي هذه مثالية متطرفة في غير موضعها وأعتقد أنها شماعة يعلق عليها عدم أخذ حقه بيده. أنا لا أحب العنف ولكن إن بدأه غيري فعليّ وعلى غيري. ولعل الشاب أيضًا رأى أن الإبلاغ عن الرجل يمكن أن يقتص له منه عن طريق الشرطة ولا نعلم نية هذا الشاب الحقيقية وقد يكون من أجل الترند في مقبل الأيام في حالة نشره!

فيما نستطيع ونقدر نعم، لكن لا نحمل أنفسنا فوق طاقتها أو مهانة لا لزوم لها...

أعجز عن تفسير مثل هذا النبل وشدة صبره، على العموم تضطرنا الحياة للصبر أحياناً، أن رد الإساءة ليس بالأمر الصعب، فقد يردها الشخص الضعيف الجبان بصورة قاسية يصيب بها الرجل الكبير الشجاع، إنما الصعب أن يكون الإنسان ذا أخلاق ومرؤة، يحافظ عليها مع من لا يقدر هذه الأخلاق ولا يعترف بها.

بما أنه صوره هل تتوقع أنه سيردها عليه لاحقاً؟

يعني لو الشاب ضُرب فمن حقه الدفاع عن نفسه حتى لو كان بوضع حد للطرف الآخر، ولكن أن يُضرب ويُشتم ويصمت خوفًا على مشاعر ابن الرجل، فهذا موقف سلبي، وعلى العكس الابن سيدرك أن "أخذ الحق بالدراع" وان ابوه موقفه صحيح، لأنه لم ير من الآخر أي رادع، ولو حتى بأسلوب ينهي الموقف ولا يثير المشاحنات أكثر.

أرى أن هذا الموقف سلبيٌّ للغاية، فماذا عن هذا الطفل عندما يكبر ويظن أن ذلك التصرُّف طبيعيٌّ؟ وأنه من المفترض ألا يرد أحد عليه إذا قام بفعل مشابه؟ إنها سلبيةٌ تنتج التطرف أكثر مما تخلق مجتمعًا مثاليًا، فتماثل القوى هو الذي يخلق سلامًا حقيقيًا، ولا يوجد سلام يُبنى على طرف خاضع وطرف مُتجبِّر.

​أما نحن، فلسنا مُجبَرين على أن نتحمل إساءات دون حق في معاقبة صاحبها بقدر إساءته، بل إن مثاليةً كهذه لا داعي لها، بل ومؤذيةٌ، لأنها تعود على الجميع بالضرر.

"أرى أن التصرف النبيل للشاب يدل على ضبط النفس وحكمة، لأنه لم يريد أن يورط نفسه وابن الآخر في مشهد سلبي. لكن في الوقت نفسه، من الطبيعي أن نتساءل: هل يجب دائمًا مراعاة ظروف من لم يراعِنا؟ أحيانًا حماية النفس والكرامة أهم، وفي أحيان أخرى الحكمة تكون بالتحكم بالانفعال حتى لا نزيد الضرر، وهذا ما فعله الشاب بحكمة."

من رأيي الشخصي إحنا مش بنراعي الشخص "اللي غلط" قد ما بنراعي قيمنا وإحنا مين.

يعني لو واحد فقد أعصابه ونسى إن ابنه معاه، ده مش مبرر إننا نساوي نفسنا بيه ونفقد قيمنا إحنا كمان.

الشاب اللي اتعرض للضرب والسباب، موقفه عظيم لأنه اختار يكون أرقى من المشهد كله. هو ما دافعش عن الرجل، هو دافع عن براءة طفل ما يستحقش يشوف أبوه بيتضرب أو يتبهدل قدامه.

وده مش تفريط في حقه، بالعكس… ده تحكيم للعقل والضمير. لأنه قادر ياخد حقه بطرق قانونية، لكن سمعة الطفل وصورته عن أبوه لو اتكسرت مش هتتصلح بسهولة.

النبي ﷺ قال:

"ليس الشديد بالصرعة، إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب".

والشاب ده جسّد المعنى ده بحذافيره.

فالجواب ببساطة:

إحنا بنراعي الموقف مش عشان اللي قدامنا يستحق، لكن عشان إحنا نستحق نفضل كبار بعيون نفسنا وربنا.

وإلا هنبقى نسخة تانية من اللي فقد السيطرة من البداية.