الإنسان، مهما بلغ من علم وثقافة وتجربة، يبقى أسيرًا لحلمه. فالحلم هو ذلك الخيط الخفي الذي يربط القلب بما يتمناه، ويقود العقل نحو ما يتصوره أجمل من الواقع. ومن هنا تنشأ خطورته؛ إذ يمكن أن يكون بابًا إلى القوة والتحفيز، لكنه قد ينقلب إلى نقطة ضعف تنفذ منها أسوأ صور الاستغلال.

فالتاريخ مليء بالقصص ، مثقف أضاع عقله وراء فكرة براقة لم يكن لها أساس، ورجل أعمال خسر ثروته وهو يطارد سراب مشروع لا وجود له، وعاشق سلّم قلبه لوهم حب لم يتجاوز جدران خياله. كلهم ضحايا "تجارة الوهم" التي تفوق في خطورتها تجارة السلاح؛ لأن الوهم يضرب الروح، بينما السلاح لا يقتل إلا الجسد.

حتى الحب، في جوهره، حلم. نحن لا نحب الإنسان كما هو، بل كما نراه في أعماقنا، كما نتمناه، كما ننسج صورته في خيالنا. نرسم له ملامح لا يملكها، ونمنحه صفات ليست فيه. لكن حين يتبخر الحلم، تنكشف الحقيقة، ويظهر كم كان تعلقنا بالصورة التي صنعناها نحن، لا بالواقع الذي واجهناه.

وهنا يظل السؤال معلّقًا:

إذا كان الحلم بهذا القدر من القوة والضعف في آن واحد، فكيف للإنسان أن يحيا به دون أن يصبح عبدًا له؟