ساعةً حائطية، دقيقة، صبورة، لا أعمل إلا بالحساب. بجانبي مروحة، صوتها عالٍ، تتحرك بلا هدف واضح، كلما هبّت نسمات العاطفة، دارت معها. وفي حوار كنت أضنه موضوعيا، اشتد النقاش بيننا. قلت لها: "الوقت لا ينتظر المشاعر، والعالم لا يتوقف لأنكِ تشعرين بالضيق." ردّت، وهي تدور بشراسة: "أنت باردة، لا تشعرين، لا تفهمين ما يعنيه أن تتقلّب داخليًا."

حاولت أن أوضح ما أقصده أكثر…  بأنني ضبط كل شيء، بالتوقيت، بالدقة، بالمنطق في غاية الأهمية... وقبل أن أكمل حديثي انهالت علي بالقول: ومن قال إن الناس تريد الدقة؟ هم يريدون من يفهمهم، لا من يحاسبهم." حاولت أن أشرح، بالأرقام، أن أوضح بالسبب، أن أبسط بالتدرّج. لكن الهواء كان يعلو… وصوتها يغلب صوتي. أدركت حينها… أنني في معركة خاسرة. ليس لأنها تفوقني منطقًا… بل لأنها اختارت ألا تسمع. اختارت المزاج… وأغلقت باب الفهم بإرادتها. بقيتُ أعدّ الثواني وحدي… بينما يدور الكل في دوامة.