أحيانًا نقول إننا نؤمن بالقدر، لكن عند أول امتحان نتراجع

حضرت اليوم درسًا دينيًا في المسجد، وكان الحديث عن الإيمان بالقدر، خيره وشره

خرجتُ من الدرس وفي قلبي أسئلة لم أعبّر عنها من قبل، لكنها كانت تسكنني منذ زمن

نحن نعلم – بل نحفظ – أن الله قد كتب أقدارنا قبل أن نُخلق، وأن ما أصابنا لم يكن ليُخطئنا، وما أخطأنا لم يكن ليُصيبنا

ومع ذلك، حين نفقد شيئًا أحببناه، أو نقع في بلاء لم نتوقعه، نسأل

لمَ أنا؟ لمَ حدث هذا؟ أليس في الإمكان أفضل مما كان؟

وإن لم ننطق بها، فإن القلب يقولها في سره

لكن الله سبحانه وتعالى يقول

﴿ ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلا في كتاب من قبل أن نبرأها ﴾

الحديد: ٢٢

فكل وجع، وكل تأخير، وكل خيبة، كانت معلومة لله، مكتوبة، مقدّرة

ثم تذكّرتُ قصة موسى عليه السلام مع الخضر، القصة التي تتجلى فيها حكمة الله رغم خفاء الأسباب

حين خُرِقَت السفينة، بدا الأمر ظلمًا، لكنه كان إنقاذًا من ملكٍ ظالم

وحين قُتِل الغلام، بدا فعلاً قاسيًا، لكنه كان رحمة بأبوين مؤمنين

وحين أُقيم الجدار في قريةٍ بخيلة، بدا الأمر غير مبرر، لكنه كان حفظًا لكنزٍ سيحتاجه طفلان في يومٍ ما

وفي النهاية قال الله علي لسان الخضر

﴿ وما فعلته عن أمري، ذلك تأويل ما لم تسطع عليه صبرًا ﴾

الكهف: ٨٢

ونحن كذلك، لا نصبر لأننا لا نعلم ما بعد اللحظة، لكن الله يعلم

الإيمان بالقدر لا يُختبر في الرخاء، بل حين يتعسر كل شيء، ولا يبقى لنا إلا أن نرضى بما كُتب

حين نقول من أعماق القلب

رضيتُ يا رب، فأنت تعلم وأنا لا أعلم

قال تعالى

﴿ وعسى أن تكرهوا شيئًا وهو خير لكم، وعسى أن تحبوا شيئًا وهو شر لكم، والله يعلم وأنتم لا تعلمون ﴾

البقرة: ٢١٦

لستُ مثالية في الرضا، وأعلم أنني أضعف أحيانًا، وأحزن، وأسأل

لكن ما فهمته اليوم أن الإيمان ليس أن تفهم كل ما يحدث

بل أن تثق بمن يُدبّر، وإن لم تفهم