كيف يمكننا اتخاذ القرار الصحيح في ظل عدم معرفتنا كبشر بالمستقبل؟

أظن أن الموضوع هذا له علاقة بموضوع طرحته أنا منذ قليل وهو لماذا جيل Z يبحث عن الأفضل ليس الأنسب؟!

ضف على كلامك أنه ليس قرار والسلام ولكنه أفضل قرار، كيف نتخذ أفضل قرار على الرغم من عدم معرفتنا بالمستقبل؟!

أمر عجيب ومريب فعلا قد نتوقف فى أماكننا الكثير من الوقت متسائلين وباحثين عن أفضل قرار فى اى شئ وفى كل شئ ماذا نعمل ماذا نشترى ما الهاتف التى أشتريه من 30 هاتف معروض في السوق وهلم جراً.

لماذا لانختار أنسب شئ لنا بغض النظر عن إذا كان هناك ماهو أفضل منه أم لا!!

يشترك جميع البشر في هذه النقطة، فكلنا لا نعلم المستقبل، لكن هناك من يتميزون عن غيرهم بموهبة قراءة وتحليل الأحداث وبالتالي إمكانية تقديم رؤية مستقبلية.

بالنسبة للقرارات الشخصية التي تتعلق بالمستقبل المجهول فلاتخاذها يمكننا أيضًا تحليل موقفنا الحالي وطرح بعض الأسئلة على أنفسنا وإجابتها إجابات حقيقية واضحة مثل لماذا نريد فعل ذلك؟ وكيف سنفعله وما المميزات والعيوب وهكذا، ونواجه الأمر بالوقائع والحقائق لا بالأحلام والآمال.

فكيف برأيكم نستطيع أن نتخذ قرار صحيح في ظل عدم معرفتنا بما قد يستجد ويؤثر علينا؟

هناك خطوة جمع المعلومات وهي جداً قبل اتخاذ القرار. يعني قبل قرار الهجرة لابد أن تجمعأكبر قدر من المعلومات تصل إليها و التي على أساسها تتخذ القرار.

فنحن لا نعلم إن كنا سنجد صداقات بسهولة في بلاد الغربة، ولا نعرف مقدار الشوق لأهلنا حتى نصل هناك، ولا نعرف مقدار الحنين لوطننا الذي سيعتمل داخلنا، لا نعرف إن كنا سنرتاح أم سنشقى، لا نعرف القوانين المستقبلية التي ستضعها بلاد الغربة وتؤثر فينا بل ربما تهد كل أحلامنا ومجهوداتنا وأموالنا..

ولكن لماذا تريد أن تعرف كل هذا قبل أن تهاجر مثلًا؟! وهل مطلوب و من الصحي لنا أن نستسلف تلك المعرفة المغيبة عنا وأن نستسلف ذلك الشعور و مقدار الشوق أو عدمه لاهلنا ومقدار الحنين لوطننا قبل أن نضع أرجلنا في بلاد المهجر مثلاً؟!! هل هذا مطلوب؟ أعتقد لا ولو أتيح لي معرفته ما أردت أن أعرفه لأني أريد أن أترك شيئاً لعنصر المفاجأة لعالم الغيب للتجربة نفسها بحيث أخبرها خبرة حقيقية وليست خبرة سكاند هاند كما يقولون. هل تتسمتع بالرحلة مثلاً لو عشتها في حلم كما هي في الواقع قبل أن تعيشها بالتجربة؟! أعتقد لا وستصبح الدنيا مملة رتيبة ليس فيه عنصر المفاجأة و التشويق و الإثارة وأعتقد أن المجهول نفسه يثري تجربتنا النفسية و الفكرية و يوسع ويعمق من نظرتنا للحياة.

لكن بعض القرارات تكون بطبيعتها غاية التعقيد مثل؛ إن كنا نهاجر أم نظل في بلدنا، ويكون تعقيد هذه القرارات لأن المجهول في هذه القرارات أكثر من المعلوم..

انا أراه واقعيا فبعض القرارات المصيرية مثل قرار الهجرة لا تخضع لحسابات منطقية فقط بل تتداخل فيها مشاعر الخوف والقلق والحنين والطموح بنسب متفاوتة كما أن صعوبة هذا النوع من القرارات تكمن في أن نتائجه ليست فورية ولا مضمونة فالغربة قد تفتح أبواب الفرص لكنها في الوقت ذاته تسلب الاستقرار والمألوف أعتقد أن التردد في مثل هذه الحالات ليس ضعفًا بل جزء طبيعي من التفكير العميق والواعي لأن الإنسان حين يترك بلده لا يترك المكان فقط بل يترك جزءًا من ذاته ومحيطه وكل ما شكّله عبر سنوات من هنا تصبح القرارات التي تعتمد على المجهول بحاجة لصبر وشجاعة وتقبّل لأن نخطئ في التقدير أحيانًا وهذا في ذاته درس عميق في النضج والمسؤولية

أظن أن أحلامنا واهدافنا تسوقنا للقرار بسهولة، حيث أن شخصيتنا تتكون من الطفولة ونعرف ما نحب وما نكره -أحيانًا- تحب الخصوصية الزائدة فتكبر تقرر عند الزواج سأنفصل عن بيت أهلي ومنطقتهم وأحيانًا بلدهم، وترى في هذا الخلاص من التدخل وبذل المجهود في الحفاظ على خصوصيتك بيتك.

هي كفتان ميزان، الكيلوجرام يربح والنصف يخسر.

ربما لا يكون القرار الصحيح هو ذاك الذي يضمن نتائج مثالية، بل الذي نستطيع تحمّل تبعاته، أياً كانت. المشكلة ليست في المجهول، بل في افتراضنا أننا قادرون على السيطرة عليه. شخصيًا، لم أعد أبحث عن القرار الصائب، بل عن القرار الذي يُشبهني أكثر، ويتماشى مع قيمي وظروفي الحالية. لأن أسوأ ما يمكن أن يحدث هو أن نختار ما لا نريده فعلاً، ثم نواجه به مستقبلًا لا نعرفه.