السلام عليكم كيف لشخص عنده نوبات هلع خوف او قلق ان يتيقن ان بين مرضه حكم من الله ودروس او ربما رسائل ربانية،كيف للشخص ان يسلم ويرضى ويتقبل رغم الألم النفسي مثلا ، دائما مايطرح هذا السؤال في بالي ان الصلاة ومناجاة الله والتضرع له هل فعلا يشفي من القلق والتوتر لأننا نعرف ان التوتر يظهر اعراض جسدية ايضا،كالغثيان،الدوخة،الضيقة…لكن سبحان الله عند الصلاة والخضوع الى الله والإعتراف له ان لاحول ولاقوة لك الا به وان لامعين لك سواه مع الأيام تخف الأعراض ومع الشهور تتصلح الأفكار ومع السنين يتعدل السلوك…من منكم يفسر لي عظمة هذا التغيير وكيف يحدث هذا عند الرضى والقبول والتسليم كيف تتغير الأفكار والسلوك ليست فقط المشاعر
هل المرض النفسي كالقلق والخوف المرضي ممكن ان تكون حكمة ايجابية بين طياته؟
السلام عليكم، تجربة النوبات الهلع والقلق يمكن أن تُفهم من منظور ديني عميق حيث يُنظر إليها كاختبارات من الله تعالى تهدف إلى تقوية الإيمان، وتطهير النفس، وتعليم الصبر والاستسلام. عندما يتقبل الشخص هذه التحديات برضا ويتوجه إلى الله بالصلاة والدعاء والتضرع، فإنه يفتح قلبه للرحمة الإلهية والهداية، مما يؤدي إلى تغييرات إيجابية على مستوى الأفكار والسلوك والمشاعر، الصلاة والعبادات هي وسيلة فعالة ومجربة لتهدئة النفس وتوجيه الطاقة نحو الخير والسلام، مما يساعد في تقليل الأعراض الجسدية والنفسية للقلق والتوتر. كما أن الإيمان والتسليم يُعززان من الشعور بالأمان والطمأنينة، مما يساهم في تحسين الحالة النفسية على المدى الطويل.
هذا التغيير يحدث لأن الله تعالى يستجيب لدعاء عباده ويمنحهم القوة والصبر لتجاوز الصعاب. الرضا والقبول بقضاء الله يفتحان أبواب النور والهداية، مما يؤدي إلى تصحيح الأفكار المشوهة وتعديل السلوكيات السلبية تدريجيًا. بالتالي، يمكن القول إن الصلاة والتضرع والتسليم لله هي وسائل فعالة للشفاء الروحي والنفسي، وتساهم في تحقيق التوازن والسلام الداخلي رغم الصعاب والتحديات.
نوبات الهلع وإن كانت تبدو وكأنها نوبات خوف غير مبررة, إلا أن هناك عوامل تساهم في تفاقمها. مثلها مثل العديد من الأمراض والاضطرابات يمكن أن تزيد الأوقات الصعبة والمقلقة من شدتها وتكرارها....مثلما يرتفع ضغط الدم أو يزداد مستوى السكري لدى المرضى الذين يمرون بظروف عصيبة, تزداد أيضا وتيرة نوبات الهلع في ظروف مشابهة لحاملي الاضطراب.
بالمقابل, يمكن لتبني نمط حياة خال من التوتر قدر الإمكان, وممارسة أنشطة باعثة للراحة وتغيير أسلوب التفكير, أن يخفف من نوبات الهلع بشكل كبير. فعندما يصبح الإنسان أكثر تقربا من الله وأكثر قبولا لقضائه وقدره مثلا قد تتغير نظرته للأحداث من حوله, مما يجعله أقل عرضة للقلق فتتناقص نوبات الهلع تدريجيا.
مثلا طالبين كلاهما مريضين بالسكري, أحدهما مؤمن بقضاء الله وقدره بشكل كبير جدا. عند ظهور النتائج كلاهما رسب, المؤمن تقبل الخبر لأن فكرة الرسوب ليست كارثة بالنسبة له, الطالب الآخر نظرته مختلفة عنه أصيب بصدمة وتوتر شديدين أدت لارتفاع السكري بدمه.
كلاهما مريض بنفس المرض كلاهما مرا بنفس الموقف, ولكن أسلوب التفكير والنظرة للأمور تلعب دورا جد محوري في تفاقهم أعراض الحالة المرضية.
يعني هل ممكن للإنسان ان لايعالج اضطراب القلق او الخوف بالأدوية وأن يصبر و يلجأ لله ويطهر قلبه ويقوي ايمانه هدا افضل له؟
تناول الأدوية هو لكبح أعراض الاضطرابات المعيقة للحياة, أحيانا تكون الأعراض شديدة فيضطر الإنسان لتناول الأدوية أو حتى ولوج المستشفى لفترة من الزمن, وأحيانا تختفي الأعراض وتدخل حالة كمون, لذا المعيار لتناول الأدوية من عدمه مقترن بمدى شدة ووجود هذه الأعراض من عدمها. إذا كان الشخص يعيش حياة طبيعية بمرضه وحالته لا تتدهور بل تتحسن فلا حاجة له إذن لتناول الأدوية.
مع العلم أن هناك اضطرابات أخرى تحتاج أدوية حتى بعد تحسن الحالة, كثنائي القطب والفصام وغيرها, وهي اضطرابات تصاحبها نوبات الهلع كأعراض...تحسن الحالة لا يعني أن الإنسان ليس بحاجة للأدوية لأن التوقف عن الدواء سيفاقم الحالة الصحية بشكل كبير للغاية.
على أي فإن الطبيب أولى بهذا السؤال, لأن الطبيب لن يجبر المريض على تناول الدواء إن بدا له أن حالته تحسنت.
السبب هو الإيمان نفسه، بمعنى أن الإنسان سواء مقصر أو ملتزم فهو يدرك أهمية العبادات والتقرب من الله ومؤمن أنه في حالة إصلاح علاقته بالله سينصلح كل شيء في حياته، وعلى هذا الأساس فعندما يبدأ الإنسان في الالتزام تلقائيا يشعر بالهدوء والسلام النفسي لأنه متأكد أن كل شيء في حياته سيكون بخير من الآن، وهذا الاقتناع يعطي للعقل إشارات لكي يخرج من حالة القلق والتوتر المستمر الذي عاش فيه، والتالي تزول الأعراض الأخرى التي ترافقه، مثلا أنا عندما كنت صغيرة كنت أقلق كثيرا من الاختبارات وكان قلقا قويا لدرجة أن أشعر بألم في المعدة، وبمجرد أن أقرأ أسئلة الامتحان كان كل القلق يختفي وكأنه لم يحدث، وبنفس الآلية عندما أذكر الله في تلك الأوقات إيماني بأن الله لن يردني خائبة كان يزيل قلقي كأنني قرأت أسئلة الامتحان وعرفت أنها سهلة.
الحكمة قد تُرى في الفوائد الجانبية التي يخرج بها الشخص المريض أثناء أو بعد نهاية رحلته مع المرض، مثل أن يصبح عليمًا بأثر الصحة النفسية عليه وعلى الآخرين ويقدرها بشكل أفضل، ويدفع ذويه للمحافظة عليها، ومثل أن يصبح أكثر تعاطفًا مع الآخرين من معظم الناس كونه يشعر بآلامهم بطريقة أفضل، ويساعدهم هذا بالتالي لتكوين علاقات أكثر عُمقًا.
التعليقات