أن الكتابة لهي متنفس لأكوام العلوم المتفرقة فتردى وتتآتى برموز نحتها الأنسان لتُقرأ لكل من وجدها وكان يعرف القراءة فمن يكتب يود لو أنه يكتب تلك اللوحة التي لا يعتريها أي خطأ أو أي نقص في الفكرة يود لو أن كلامه وحروفه تبقى في عقلية البشرية جمعاء مثل كُتب نقشت أسماءها ليس فقط بعناوينها الرنانة أنما نقشت أفكارها على المجتمعات وهذا ما يخيف بعض الكُتاب الشغوفين في عالمنا المعاصر لأعتقادهم بنظرية "أما أكتب شيء كامل أو لن أكتبه في الأساس" معروف هو الأنسان ببحثه عن الكمال والحقيقة أنه لن يصل الى الكمال ولك أن تتخيل كم من أفكار كانت ستترجم بنجاحات فعلية على هذا النطاق العربي المهم ولكن بدأ الأنسان في تبرير ما يريد الى أخطاء أخرى غير ثقافية عوضاً عن أنه فعلاً لا يُلام فكيف يكتب أفكار ويضعها في كتاب وبعضهم يكتب "شكرن" بدل شكراً فلذا يحتاج مصححاً إملائياً ولكم نحن نحتاج لمعرفة توصم بالفلكية لنسد نقصاً كان بالأمس قد حدث وهي تلك الحادثة التاريخية التي أباد المغول العلم جنباً الى جنب مع إبادتهم الجموع البشرية في مدينة بغداد ولأنهم وصلوا هؤلاء المتوحشين الى إبادة عنصر مهم مثل الأنسان لم يجدوا قيمة للكتب فدمروا الكتب تدميراً ورموها في نهر دجلة حتى تحول لونه أزرقاً وليس هناك في الحياة نهر أزرق قاتم إلا ذاك النهر بل لا يوجد هناك بحراً أزرقاً في الأساس، وهذا مما سبب نقصاً في العلم البشري للابد وأن هذا ليعد نقص في الحصيلة العلمية نحتاج ليس فقط الى كتابة بل الى أبحاث الى تجارب الى صياغة وبناء العالم من جديد على أسس سليمة لذا التكاسل و طلب الكمال من كتاب واحد سيبطىء العملية وأشد ما نحتاجه هي تلك الأفكار التي قرأت الواقع لتغييره ليكون واقعاً أفضل بكثير ويبدأ ذلك بفكرة تُطبق على مستوى عالي لكي لا نعود الى السيرة الأولى والأمم من حولنا تتثقف وتتعلم وتتطور ونحن بعضنا لا يترك للكُتاب الجدد الفرص والفرصة والمحاولة ولكن ذاك أشبه بالمستحيل بسبب صروف وقيعة النظام الرأسمالي على الأنسان العربي.
هناك كُتب لن تُقرأ
وأشد ما نحتاجه هي تلك الأفكار التي قرأت الواقع لتغييره ليكون واقعاً أفضل بكثير
هل تعتقد حضرتك بأننا كعرب نعدم هذه الأفكار؟ في الحقيقة لدينا في الماضي والحاضر وسيأتي في المستقبل أيضاً بشكل أكيد الكثير من المفكّرين القادرين على إنشاء نهضة لا يمكن تصوّرها حتى ضمن الموارد المتاحة حالياً في المنطقة العربية، الموارد الغير مستخدمة، إذاً ما المشكلة؟ برأيي المشكلة تكمن لا في الأفكار، فالأفكار كما يقول الجاحظ: ملقاة على قارعة الطريق - إنما لدينا نقص في من يتجرّأ على القراءة، القراءة فعل صعب، ما نمارسه حالياً نحن هي تمتمة فقط، ببغائية في الجوهر لا أكثر، القراءة والقارئ هو إنسان يستطيع أن يتقبّل الاختلاف في كل شيء، التغيير، هل هذه سمة عربية؟ أشكّ في ذلك، كل شيء يرعبنا حين يقترن بالتغيير، تعالوا نغيّر طريقة عمراننا! نرتعب، تعالوا نغيّر طريقة تفكيرنا! نرتعب، تعالوا نغيّر طريقة تعليمنا! نرتعب، حتى في الروايات والمسلسلات والأفلام، تعالوا نغيّر طريقة استعراضنا للعالم بشيء أكثر واقعية فعلاً، صورة تلامسنا، وأيضاً نرتعب، إذا لا مشكلة بالمكتوب، المشكلة بمن يقرأ حقيقةً.
إنما لدينا نقص في من يتجرّأ على القراءة، القراءة فعل صعب، ما نمارسه حالياً نحن هي تمتمة فقط، ببغائية في الجوهر لا أكثر، القراءة والقارئ هو إنسان يستطيع أن يتقبّل الاختلاف في كل شيء، التغيير، هل هذه سمة عربية؟
ولا سيما مع انتشار المحتوى الفكاهي بشكل كبير و غير مسبوق علاوة على ذلك وسائل التواصل الاجتماعي وأخص هنا التيك توك. ومع ذلك أرى أنه يجب أن نفكر في تبسيط المحتوى للقاريء وتجنب الحشو والاطلالة مع عدم اتباع الاقتصاب كنهج في الكتابة كونه بالتأكيد سيخل بالمعنى.
ومع ذلك أرى أنه يجب أن نفكر في تبسيط المحتوى للقاريء
قد تكون هذه فكرة جيدة ولكن ليس بالشكل الذي نراه عربياً في الكثير من حلقات اليوتيوب التي أصبحت منتشرة انتشار النار بالهشيم والتي بدأها أوّل ما بدأها "الدحيح" محمد الغندور المصري، برأيي الأمر يجب أن يكون أقل هزلاً وكوميدية واسفاف من الذي نشاهده هذه الأيام من محتوى يوهم بأنّنا نتعلم ونحن لا نقوم إلا بتثقيف جزئي لأنفسنا وبسيط جداً وأحياناً مخادع، برأيي يجب أن نتقن طريقة شعبنة العلوم بشكل جيّد بعيداً عن التهريج.
هذا المقال والطرح الذي تتناوله ذكرني بموضوع تناوله الدكتور والشاعر "تميم البرغوثي" إن لم تخنني الذاكرة فعنوانه كان (المقاومة بالحسن) لقد سلط الضوء على رغبة الكاتب في كتابة نص كامل، وقد اعجبني جدا استدلاله بالمتنبي في قول الأخير "أريد من زمني ذا أن يبلغني ما ليس يبلغه الزمن" فهاجس الكمال الأدبي ليس مقتصرا على المبتدئين أو المعاصرين، فها هو من؟ المتنبي؟!!
في الأخير يبدو لي أن الجواب الشافي هو ما عبر عنه تميم في قوله: "الفارون من الحصار لا يلتفتون إلى هندامهم" يقصد بذلك ما يكمله السياق اللاحق لكلامه:
[أهل الشرق يقصفون عريا، وأهل الغرب يقصفون عربا، والعرب يقصفون عربا، وكل من لا يجد شيئا ليفعله بعد الظهر يقصف عربا وأنتَ خائف على حداثة القصيدة وبلاغة التشبيه]
الفكرة أن الكتابة هيبة، مجرد القيام بالكتابة جميل ناهيك عن مدى الكمال في ما تكتبه
التعليقات