حينما ترغب الدخول في أمر ما، مع جزء من المجتمع، فيكون عليك بذلك مسؤوليات وواجبات ولك حقوق، فينبغي لك أن تتحلى بمهارة التواصل، فتعرف كيف تتحدث مع من حولك، بالتي هي أحسن، لا ضعف في أن يكون كلامك عوانه الرفق واللين والسماحة والعفو فأكرم بها كلمة طيبة تدخل صاحبها الجنة، فتعين وتستعين، وهاته المهارة لا تعني بالضرورة اللين في المعاملة، بل يتوهم البعض ذلك، فأن تعرف مهارة التواصل، معناه أن تدرك كيف تتواصل ومتى! ففي بعض الأحيان الصمت جواب الجاهلين، وعلاج الجاهل تجاهله، حتى يعي قدر من يتعامل معه، ويزن كلامه وما يخرج به للملأ متهورا كالمعتوه، فالرزانة قد يتسم بها الجاهلون بعد تجاهل العاقلين وإعراضهم عنهم.

فكيف تتواصل مع شخص سمح طيب الخلق إلا بطيبة القلب وحفاوة الصدر وعذوبة الكلام، وكيف لا تلجم لسان الحاقدين بكلمة الحق وتصدع بها أمامهم، فلا يستقيم لهم حال ولا يستنير معهم درب.

فإما أن تلجمهم وإما أن تتجاهلهم، أما! ما يفعله البعض هو تقمص شخصية المظلوم، وما أراها سوى حمى غباء باردة جمدت شرايين مخائخهم فأفقدتهم السيطرة على توازنهم في الكلام وإدراك ما هم فيه، فتراهم لا يلجمون ألسنة من يعتدون عليهم بالقول واللسان، ولا يتجاهلونهم! ويرضون البقاء في وسطهم وتلك مسرحيتهم.

كفى بالتجاهل مؤدبا للجاهلين، وكفى بالكلام الحق الذي يستنير به العاقلون مدافعين عن مبادئهم وأخلاقهم ملجما للجاهلين والمعتدين.

لكن نحن في زمن لا يرى فيه الجاهل جهله، ولا المعتدي حجم إعتدائه، فالجميع يبرر لنفسه المبررات ويحاجج كأنه النمرود! فالبشر قتلوا بعضهم البعض بحجج واهية فكيف لا يعتدون على غيرهم بمثلها أو دونها!

والحق المبين واضح جلي للعيان لكن المتعظين نادرون كندرة الطيبين، يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : "المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده" فهل ترانا اليوم نعيش وسط أناس يسلمون غيرهم من سفاهة ألسنتهم وتعديهم عليهم، وفداحة ما تقترفه أيديهم وتستبيح عقولهم.

كلامي هنا غليظ لين ردا عن أبسط الأمور من سب وسخرية وإستهزاء بالغير وتعدي المسلم على أخيه المسلم بلسانه إلى أفدحها وأخزاها من سب وشتم وقذف وإعتداء باليد، وضرب ووصولا إلى القتل والتنكيل! فلكل طائفة ونصيبها مما كتبته.

فأن تعتزل الضرر أو أن تتجاهله أو أن تلجم من يضر بك وتخرصه، أما أن تتقمص دور المظلوم وأنت ترتجف نتاج حمى غباء باردة عابرة فذاك هوان النفس على صاحبها.

[Abdelouahab]