يتسائل صديقي خالد الذي يبلغ من العمر ٣٥ عام لماذا لم يعد يستمتع بهواياته كما كان في الماضي. خالد رسام ماهر يشارك بالعديد من المعارض الدوليه وقد حصد العديد من الجوائز. وايضا لديه هواية السباحه التى يمارسها في النادي كل يوم تقريبا. وهو متزوج ولديه ثلاثة اطفال .
يقول خالد كنت في الماضي ارسم في كل يوم لوحه وفي كل يوم ايضا امارس رياضتي المفضله ثم اقضي وقتا ممتعا مع عائلتي.. ولكن في الاونه الاخيرة اصبحت هذه المتعه تتلاشى شيأ فشيأ. لم اعد ارسم في كل يوم وتتثاقل نفسي للذهاب للنادي لممارسه متعتي السابقه. ولم اعد اهتم والاعب اطفالي الصغار كما كنت.. يقول بكل حيره والم؛
لماذا اصبحت هكذا . لماذا لم اعد استمتع بكل الاشياء التي كنت استمتع بها في السابق. حتى بالسفر مع اصدقائي لاجمل المدن حول العالم.لم يعد ذالك يعني لي شيأ. اصبحت روحي ميته داخل جوفي.لم يعد لدي طاقه لاداء واجباتي وكأني مركبة خالية من الوقود. لا اريد سوى الانعزال. وعندما اكون في عزلتي حينها ينعدم الزمان والمكان. اجد نفسي اقف لساعات حائرا في صحراء قاحله حيث لايوجد فيها ضل ولا شجر. ضلام ليل لا يهتدى بنجومه ولا بضوء القمر. المشكله انه لايوجد مشكله حتى اعول عليها السبب. فالمشاكل مصيرها الذهاب. هل فقدت طعم الحياة وملذاتها الى الابد..؟
ويتسائل خالد قائلا اصبحت افكر بسبب وجودي في هذه الحياه. هل انا هنا حتى ااكل واشرب وامارس هواياتي في هذه الدائرة المغقله.. الى متى وانا ادور حول نفسي. وماذا بعد؟ !! هل هذه هي الحياة ؟ اعيش بها فقط لافعل هذا !.
عندما سمعت هذا الحديث المحزن من صديقي العزيز . نصحته بان يزور الطبيب النفسي ربما كان يشكو من اعراض مرض الاكتئاب. ولكن الصدمه عندما ذهب لاستشارة الطبيب لم يتم تشخيصه بأي مرض نفسي . وكانت الحقيقه هي ان خالد يعاني من ما يسمى ( الليله السوداء على الروح ) و هذا الحاله غالبا ما
تصيب اصحاب الهمم والمفكرين. تستمر عدة اشهر. وتأتي لمره واحدة في منتصف العمر. سبب هذه الحاله عندما يشعر الانسان انه قد حقق جميع اهدافه. يبدا صراع عميق بين الروح والنفس. ويسميها العلماء بمرحلة المخاض لانه بعد الخروج من هذه الحاله يولد الانسان من جديد بفكر جديد. يغير فيها معتقداته ويتصرف الشخص بناء على الشخصيه والسعه المعرفيه. ربما يغير شريك حياته او وظيفته او حتى دينه ومذهبه. وافضل من وصف تلك
الحاله هو الشاعر إيليا ابوماضي عندما كان يعاني منها قائلا
أجديد أم قديم أنا في هذا الوجود
هل أنا حر طليق أم أسير في قيود
هل أنا قائد نفسي في حياتي أم مقود
أتمنى أنني أدري ولكن ...
لست أدري!
وطريقي ما طريقي؟أطويل أم قصير ؟
هل أنا أصعد أم أهبط فيه وأغور؟
أأنا السائر في الدرب أم الدرب يسير
ام كلانا واقف والدهر يجري؟
لست أدري!
ممدوح السهلي
التعليقات