أيهما كنت ستختار؟ الانسحاب من مواجهة لاعب إسرائيلي، أم هزيمته؟

مرحبا أسماء،

قرأت جميع الردود وأرغب بإبداء وجهة نظري، أولا أنا اؤيد تماما قرار الإنسحاب، فنحن بهذا نخبرهم أننا لا نحترمهم ولا نعترف بهم، أما من يقولون بأن هزيمته أفضل من الانسحاب فالأمر أقرب للسذاجة، لأن من يقرأ في الدبلوماسية الإسرائيلية على وجه التحديد يعلم أن الكيان الصهيوني لا يهمه المكسب أو الخسارة بقدر ما يهمه الإعتراف به كدولة، سواء هزمته أم لا في النهاية هو لن يهتم، المهم أنك واجهته كأي لاعب من أي دولة أخرى.

الكيان الصهيوني يسعى للتطبيع، والتطبيع معناه جعل العلاقات على كل المستويات طبيعية، بالأخص على المستوى الشعبوي، وهذا رد على من يقولون ما علاقة السياسة بالرياضة.

التعامل بين الدول على المستوى السياسي مختلف عن تعامل الشعوب مع بعضها، اللاعب الرياضي ليس دبلوماسي، لكنه يعبر عن موقفه وموقف شعبه بالطريقة التي يراها مناسبة.

الكيان الصهيوني ينفق مليارات الدولارات كل عام على ما يسمى بالدبلوماسية الرقمية، والتي تهتم بفتح قنوات تواصل بين اسرائيل و "الشعوب" العربية، وعندما سألوا العاملين في هذا المجال قالوا بأنه ليس المهم ان كان الناس على مواقع التواصل يسبونهم أو يجاملونهم، المهم هو مجرد التحدث معهم.

لذلك قرار اللاعبين بالانسحاب هو قرار حكيم ومدروس تماما، وهذا ما سبب الإزعاج للكيان الصهيوني على جميع وسائل إعلامهم، وقد قال بعضهم أنهم جعلونا أضحوكة بتجاهلهم لنا.

نشأنا في مجتمعاتنا العربية على حبنا لفلسطين وكل ما تعلق بها فحملنا القضية في قلوبنا وأنشدنا أناشيد الدرة والأقصى مع أطفال الحجارة، فأصبح حبنا هذا أمرا مسلّما به غير قابل للنقاش مهما اختلفنا في باقي القضايا.

نكاد نموت حبا ونحلق شوقا نحو بيت المقدس وأمنياتنا زيارته، لكننا عرفنا دوما أن ذلك ممنوع لأن دخولها الآن هو اعتراف بالكيان المحتل عبر دخول أراضيه.

ينطبق الأمر على المشاركة في منافسة رياضية ندا للاعب إسرائيلي، فالرياضة معروفة عنها أنها مواجهة بكل روح رياضية وودية مهما كان نوعها حتى لو كانت ملاكمة ففي الأخير نحن نلعب، فكيف يمكن تقبل مواجهة إسرائيلي في لعبة وبكل روح رياضية ورحابة صدر !؟

إنه ببساطة اعتراف بكيان هذه الدولة، كما أن الأمر سيتطلب سماع النشيد الوطني والصمت في حضرته إلى جانب مصافحة اللاعبين.. إنه أمر لا يعقل !

أفضل الانسحاب ألف مرة على أن أقف في مواجهة إسرائيلي في منافسة ودية وأنا أعترف بكيانه مبتسمة !!

في أولومبياد 2016 قامت لاعبة سعودية بالإنسحاب أتذكر كان اسمها جود فهمي، وقد كان السبب المعلن من الجانب السعودي هو إصابتها، ولكن خرجت صحف إسرائيلية لتقول أنها انسحبت بسبب القرعة التي أوقعتها في مواجهة لاعبة إسرائيلية.

فكرت حينها في هذا الأمر، وعلمت أني مثلها لن يمكنني اللعب ضد لاعب إسرائيلي أبدًا، فهذا إعتراف بوجودهم وهو أمر ينافي الواقع.

ستجدين من يقول أن الاشتراك في الأولومبياد هو اعتراف بوجودهم طالما هم مشتركين فيه، ومنهم من سيقول أن المواجهة والهزيمة ستكون أشد عليهم من الإنسحاب.

أحترم تلك الآراء، ولكن ماذا لو قام هذا اللاعب بهزيمتي شر هزيمة مثلما حدث مع تهاني القحطاني؟

فللأسف هذا الكيان يهتم كثيرًا بالرياضيين وينفق على لاعب واحد مالا تنفقه العديد من البلاد على جميع اللاعبين.

سأخشى حينها الهزيمة، وأكون بهذا اعترفت بوجودهم وخسرت أيضًا!

الانسحاب من مواجهته يعني أنك لا تعترف به كشئ تواجهه وتحترمه وتضع له قيمة

الإنسحاب من مواجهة الخصم ليس له معنى ثابت لدى الجميع، فيمكن أن يعني لدى البعض عدم الإعتراف به ككيان له وجود، ويمكن أن يعني لدى البعض الآخر عدم القدرة على المواجهة، لذلك أرفض هذا التفسير لأنه قابل للتأويل وليس له مدلول ثابت لدى الجميع.

فكرة الإنسحاب بهدف التقليل من الطرف الآخر لم تعد صالحة الآن مع الكيان الصهيوني، هذا الكيان إستطاع إثبات قوته ونجاحه في الكثير من المجالات، ومنها المجال الرياضي، وعلى الدول العربية وشعوبها الإعتراف بذلك، حتى يستطيعون مواجهته والتصدي لتجاوزاته وإنتهاكاته في حق الفلسطينيين، أما إن أكملنا على نفس منهج التجاهل بهدف التقليل من شأن إسرائيل، وعدم الإعتراف بها كدولة، فبهذا نساعدهم على إستكمال مخططهم للإستيلاء على الأراضي الفلسطينية كاملة، إسرائيل تتمادى وتتوسع، والعرب يتجاهلون ويرفضون أيةِ تعاملات أو مواجهات، بل ينعتون من يواجه، فماذا بعد وإلى متى؟!

أما عن مواجهة لاعب إسرائيلي، فهذا ما يجب أن يكون، الإنسحاب اليوم ليس في صالح الجانب العربي، بل المواجهة بهدف تحجيم نجاحاتهم والتفوق عليها على جميع الأصعدة، الرياضية والعلمية والثقافية والفنية وما إلى آخره، التجاهل والإنسحاب لا يجديان بشئ.

برأيي هذا أمر ليس له معنى فالرياضة يجب أن تكون بعيدة كل البعد عن السياسة وبشكل عام التعامل الإنساني والعلاقات الطبيعية ليس لها علاقة بما تروجه وسائل الإعلام من أخبار منها ما هو صحيح وأكثرها ما هو باطل!

فعلى سبيل المثال هزيمة شخص إسرائيلي لا تعني هزيمة دولة بأسرها فهذا تفكير عنيف ومنغلق مع احترامي الشديد لكل من يفكر هكذا، فاللاعب الإسرائيلي ليس مقاتلاً يقتل الفلسطينيين وغيرهم كل يوم، هو شخص رياضي يعمل ما يعمله كإنسان طبيعي وليس ذنباً عليه أنه إسرائيلي فقد يكون ضد سياسات دولته، وإلا فعلى نفس المقياس يجب علينا الانسحاب أمام كل إثيوبي وأمريكي وإيطالي وفرنسي وأسباني وتركي وغيرهم فكل أولئك فعلوا بنا أضعاف ما فعلته إسرائيل.

عزيزتي أسماء، لو وُضعت أنا في مثل هذا الموقف لاخترت أن أواجهه وألحق به شر هزيمة، فيعود إلى دياره خائب الرجاء، مقطع الأوصال، هل ستتخيلين حسرته هو ومن معه بعد فشله في رفع علم بلاده عاليًا؟ يا تُرى كيف سيكون شعورهم بعد كل هذه الأموال التي أنفقوها وذهبت هباءً؟ لذا سأختار بالطبع أن أواجهه.

أما لو انسحبت بحجة عدم الاعتراف به، فسأسمح له بالتأهل للدور القادم ورفع علم بلاده عاليًا، ويكون هذا بمثابة حافز للاستمرار على ما هم عليه الآن.

أهلًا أسماء، يا رب لا أتلقى الكثير من الشتائم، القليل منها يكفي

مشكلتي ليست مع الإسرائيلي، مشكلتي مع ما يمثله الإسرائيلي. فهو رياضي لديه طموح ومشاعر وقد يرفض الدماء حتى لو خالفني الرؤية، ولن يغيّر هذا شئ في مجريات المباراة، فالأفضل دائمًا ما يربح.

إسرائيل دولة فصل عنصري، ولا جدال في هذا، هي كجنوب إفريقيا ما قبل مانديلا، كيف توقفت جنوب إفريقيا عن سياستها؟ كان هذا بالعزلة، عزلها العالم أجمع أفراد ومؤسسات.مهدت هذه السياسة القدوم لنيلسون مانديلا ودفعته للأمام.

لا أظن أني سأفوت فرصة عرض تضامني في محفل عالمي مع القضية، بإرتداء العلم أو الكوفية، بعد مصافحة خصمي بالطبع.