يتعامل أغلبنا مع كلمة لا وكأنها لفظ مسيئ نخشى أن نقوله للأهل والأصدقاء وزملاء العمل و...، ونتيجة هذا التعامل الخاطئ أننا نضطر لتحمل ثمن باهظ للغاية.
ثمن من الوقت ومن المال ومن الطاقة ومن الجهد ومن الراحة ومن التركيز ومن كل ما هو مهم، ونظن أننا بذلك مؤثرين وأهل ثقة وخدمة، ولكن نحن فقط في فخ يدمرنا.
فكيف ومتى نقول لا لطلبات ورغبات الآخرين دون أن تكون صورتنا في أعينهم أنانية وشريرة ؟
قد تبدو أناني وغير مهتم، ولكن ثقافة الرفض إن امتلكتها بصورة صحيحة جعلت منك شخصاً واثقاً يعرف ماذا يرد.
من الأدب أن تكون واضحاً وبنفس الوقت أن تعلل رفضك للشخص الآخر وهو مخير أن يقبل عذرك أو لا.
ألا ترى أنك إن أجبرت نفسك على شيء تعاني مستقبلاً من الندم والاكتئاب وجلد الذات؟؟
لكن ألا يوجد حل أمن نضمن به أن العذر سيكون مقبول ولا احتمالية لخسارة من نرفض طلبهم أو ضعف الرابطة بيننا، حتى نتمكن من الحفاظ على مواردنا من الوقت والجهد دون أن نخسر علاقتنا
قوة قدرتك على قول لا دون ترك أثر سلبي بنفوس الآخرين تأتي من وضع الحدود الصحيحة بالعلاقات، فلا تعشم أحد بزيادة ولا تضحي بوقتك الخاص لأي أحد وأي ظرف، لا تكون متاحا للجميع، لأنك لو فعلت هذا ستكون مقدرتك على قول لا ضعيفة، وإن كان لديك ظرف قوي حقيقي لن يقدره الناس لأنهم تعودوا عليك متاحا بأي وقت ولأي شخص، عاى عكس شخص وضع الحدود كما يجب إن قصر معهم سيعذروه
صراحة لا أعتقد أننا نستطيع قول "لا" دون أن نترك ولو أثرًا سلبيًا بسيطًا في نفوس الآخرين، حتى لو عبرنا عنها بلطف ولباقة، فقد قرأت في كتاب كيف تكسب الأصدقاء وتؤثر في الناس أن من الممكن أن نقول "لا" دون أن نقولها حرفيًا، وذلك بأسلوب يجعل الطرف الآخر يشعر بالتقدير والاحترام، لا بالرفض القاطع، ومع ذلك أؤمن شخصياً أن بعض الانزعاج البسيط قد يكون طبيعيًا ومؤقتًا، طالما كانت نيتنا صادقة وحدودنا واضحة ومحترمة.
عندي فضول لاعرف كيف نقولها ويشعر الطرف الآخر بالاحترام والتقدير، يعني مثلاً لو طلبت منك أن تساعديني في تسجيل حساب على مستقل كيف نقول لا هنا ؟
برأيي سيشعر بالاحترام والتقدير عندما يخرج الفرد من الحديث شاعرا أنه الأفضل، فمثلاً يمكنني أن أقول لك "أشكرك على ثقتك الكبيرة بي، ولكن بصراحة أعتقد أنك أقدر مني بكثير على تسجيل حساب على مستقل، أنا مشغولة هذه الفترة وأخشى أن أبطئ عليك، لكني واثقة أنك ستتمكن من إنجازه بسهولة ويسر أفضل مني لو حاولت، وإذا احتجت إلى أي نصيحة أو دعم بسيط، فأنا هنا لمساعدتك، أعتقد أن مهمة التسجيل ستكون بداية رائعة لإبراز مهارات".
توقعت ردك ولله فأنا أفعل مثله تماماً ولكن شاركت ربما أجد طريقة أفضل، مؤخراً في العمل أقول لهم عندما تسألني ستعرف ما اعرفه لكن لو بحثت ربما تعرف اكثر فحاول أن تبحث وتعرف بنفسك وجرب أفضل من أخذ تجربتي، بدأت هذه الطريقة توفر لي وقت وجهد وتركيز كبير بالعمل
من تعود على قول نعم لكل شخص في كل كبيرة وصغيرة هو من أكثر الشخصيات التي تعاني وتكون منضغطة في حياتها وربما ليس لديهم وقتًا للراحة.
نعم يجب أن نساعد الآخرين لكن ليس لدرجة إهمال أنفسنا وراحتنا وأهلنا والمسؤولين منا، أساعد في الوقت المتاح أن أساعد فيه وإذا كان في إمكانيتي المساعدة، فلنفس الإنسان عليه حق ولا يكلف الله نفسًا إلا وسعها.
قد يكون من الصعب عليك قول لا، ومن الصعب على من تعود منك على قول نعم سماعك تقول لا، لكن مع الوقت سيحدث التعود للطرفين ويكون الوضع أهدأ، أعرف شخصًا مر بنفس الوضع، في البداية كان هناك مقاومة للتغيير واتهامات من الأطراف الثانية لكن مع الوقت صار الوضع أهدأ وأكثر تقبلًا، بل وقلت المشاكل.
فكرة الحل بالتدريج جيدة وأرى أنها ستكون فعالة بصراحة، ولكن إلى أي مدى يمكن أن نقبل أن تكون نتيجة تنفيذها هي خسارة الأشخاص حولنا، هذا قد يدل على أنهم يستغلوننا فقط، ولكن ماذا لو كنا متعلقين بهم وادركنا أن التضحية والتوقف عن قول لا هم السبيل الوحيد لبقاء هؤلاء الأشخاص
نعم التدريج هو الحل، فعند القيام بتغييرات كبيرة فجأة فقد يفسرها الشخص أننت نريد قطع علاقتنا به أو أن هناك شيء حدث غيرنا من ناحيته.
أن نقول لا في الأوقات التي لا نستطيع فيها مساعدة أحد ليس معناه أننا لن نقول لهم نعم بين الحين والآخر، وإذا لم يستطع الشخص الآخر تقبل ذلك فربما من الأفضل خسارته على أن أخسر نفسي!
هذا قد يتم تفسيره بطريقة سيئة أكثر، كأن اقول سهام تساعدني وقتما تشاء تقابلني حسب رغبتها، أو مثلا لم ترد على مكالمتي اليوم وردت على أختي أمس وهنا سيكون التفسير عشوائي وردة الفعل اسوء
ولماذا أهتم بما يفكرون ويقولون ؟! وما أدراني أنهم لا يفكرون بي بطريقة سيئة حتى وأنا أرد عليهم وأساعدهم؟!
افعل ما يمكنك فعله في الوقت المتاح لديك بما يرضي الله وضميرك واترك الباقي، فإرضاء الناس غاية لا تُدرك، لأنفسنا علينا حق.
هذا من الصعب أن يطبقه الجميع، هناك اشخاص تفرط في تقدير من حولهم، يخشون حتى عدم التبسم خوفاً من حكم شخص عليهم، ليت الجميع يدرك فكرة صعوبة إرضاء الجميع وأن لا علاقة لها بالانانية
ربما علينا أن نبدأ أولًا بتغيير كلمتي نعم ولا بمقولات وسطية أفضل مثل: حسنًا أنا لا أستطيع أن أعدك لكنني سأحاول (بعد مرور يومين تخبره أنك لم تستطع فعل شيء) أو مثلًا (لو كنت قد طلبتها مني بالأمس لكنت تمكنت من المساعدة لكن سأنظر إن كان بالإمكان) - بعد ذات اليومان تخبره أنه لا يمكن فعل شيء، وطبعًا هذه الحجة تمارس فقط في الأمور التي تريد رفضها ولكنك تستشعر الحرج
ولكن هناك حل آخر أسهل ولكنه سيكلف خسارة اجتماعية أن تقول (أنا لا أريد، أنا لا أرغب، أنا لا أستطيع، لا يمكنني تحمل هذا بصراحة) دون أن تهتم لما سيحدث لصورتك بأعينهم، ولكن هذا سيجعلك تستبعد من قائمة من يقدمون من المساعدات وربما قد يتم نبذك بعض الشيء
الحل الأول أكرهه بصراحة، فأنا مثلاً أطلب منك شرح درس تقول انتظر يومين فترفض هنا ضيعت وقتي بينما كان قرارك واضح وتحملت أنا خوفك من المصارحة، لا أحب الابواب المواربة بصراحة.
أما الاخير فبقدر ما أرى أنه صائب لكن لن ينفع مع الخجولين، أنا أكثر الوقت كنت لا أعرف الرفض، لكن اليوم مضطر له لأنه أما أن اساعدك أو أعمل لتوفير حاجات الأسرة لكن قبل هذا الاضطرار كنت عاجز عن الرفض
الأمر يتطلب شجاعة وقدرة على تقبل التخلي عن الشخصية الاجتماعية المتاحة للجميع، وأرى أنك تتحلى بهذه الشجاعة فتمكنت من فعل ما تريد، ربما بالطريقة الصعبة، ولكنك تمكنت
هذا ما كان يلومني عليه أبي، كان يرفض أن أقول لا لأحد، مازلت أذكر له عتاب قاسي للغاية يا كريم ( ستظل ترفض وترفض حتى تركز وتنجح لكن يومها لن تجد من يبارك ويصفق لك)
فكيف ومتى نقول لا لطلبات ورغبات الآخرين دون أن تكون صورتنا في أعينهم أنانية وشريرة ؟
يجب أن نُوازن بين احترام حاجاتنا وحدودنا وبين تفهم مشاعر الآخرين. الصراحة واللطف في التعبير هما المفتاح؛ نُوضح سبب رفضنا بشكل هادئ ومن دون تجريح، مع تقديم بدائل إن أمكن أو تعبير عن تقديرنا للطلب. هذا الأسلوب يجعل "لا" كلمة محترمة تُفهم كجزء طبيعي من التواصل الصحي، لا كرفض شخصي أو عداء.
موضوع بالغ الأهمية في عالم تطوير الذات والوعي المهني فكثيرون يظنون أن قول لا يُعد أنانية أو تقليلًا من الاحترام بينما هي في الحقيقة مهارة أساسية من مهارات الذكاء العاطفي وإدارة الوقت .
كلمة لا هي وسيلة لحماية الطاقة النفسية وتحديد الأولويات وبناء حدود شخصية صحية تضمن الاستمرارية دون استنزاف .
القدرة على الرفض بلطف واحترام لا تُقلل من قيمتك بل تعكس وعيك الذاتي ونضجك في التعامل مع الآخرين
وفي ظل عالم مليء بالضغوط والطلبات المتكررة تصبح كلمة لا أداة استراتيجية للحفاظ على التوازن بين العمل والراحة النفسية وبين اللطف والحزم .
واضح أنك مقتنعة للغاية بتأثير كلمة لا، فبرأيك كيف نقولها دون أن يتم النظر لنا بسوء أو نخسر علاقتنا وروابطنا مع من نقول لهم لا !
سؤال مهم فعلًا.
في رأيي طريقة قول لا هي التي تصنع الفرق مش الكلمة نفسها يعني لما أقولها بلُطف ووضوح وباحترام للطرف الآخر وأوضح السبب من غير تبرير زائد بتوصل الرسالة بشكل ناضج وما تسيء للعلاقة.
مثلاً: أنا مقدرة طلبك جدًا، لكن الوقت مش مناسب دلوقتي وأخاف أوافق وما أقدر أقدّم المطلوب بالشكل اللي تستحقه.
بهذه الطريقة نحافظ على العلاقة ونقول لا من غير ما نظهر بشكل سلبي.
برأيك هل مرّ عليك موقف قدرت فيه ترفض بطريقة حافظت فيها على الاحترام؟
أنا أستاذ في قول لا، في عملي أنا مسؤول عن فريق كبير ولو استمعت لسؤال كل واحد ولبيت طلب كل شخص سأحتاج أن يكون اليوم سبعين ساعة ليس أربعة وعشرين، لهذا ابتكر رد لكل طلب ولا أتدخل إلا عند الضرورة فقط
يبدو أنك تمتلك خبرة كبيرة في إدارة الوقت واتخاذ القرارات الحاسمة وده شيء فعلاً مهم جدًا لأي قائد فريق ناجح.
لكن برضه حابة أعرف: هل وجدت فرق في رد فعل الفريق لما بتستخدم ردود جاهزة مقابل لما بتتدخل شخصيًا وتوضح السبب؟
يعني هل الطريقة بتأثر على تفاعل الفريق أو شعورهم بالاهتمام؟
لأن أحيانًا حتى كلمة بسيطة تُقال بصدق ووضوح بتعمل فارق كبير في الثقة والانتماء.
إيه رأيك؟
التعليقات