أغلب من يعاني اليوم مالياً لا يعرف كيف يفرق بين حاجة أساسية يوفرها وبين رفاهية، من يعاني مع الوقت لا يعرف الفارق بين فعل أساسي ينجز به وبين رغبة غير ضرورية، أرى كل من يعاني لا يعرف الفارق بين الحاجة والرغبة تقريباً.
فكيف نبسط الفارق بينهم ونشرحه لطفل بالعاشرة ولطالب بالجامعة ؟
أعتقد أن الفارق بين الطريقة التي سنشرح بها الفرق بين الحاجة والرغبة أننا بالنسبة للطفل سيكون من الأفضل أن نعطيه أهم أمثلة للاحتياجات الأساسية مثل الأكل والماء والملابس والدواء والتعليم الأساسي، وما عدا ذلك فهي رغبات، لا نقلل من شأنها ولا نعتبرها تفاهات لكنها أمور ثانوية. لكن إذا أردنا شرح الأمر لطالب في الجامعة فأعتقد أنه من الأفضل أن نعطيه مقياس يقيس به بنفسه ليعرف إذا كان ما يريده احتياج أم رغبة. قد يكون المقياس سؤال يطرحه على نفسه مثل "هل هذا الشيء إن لم تحصل عليه، ستتضرر حياتك؟"
بالنسبة للطفل أرى أنه لا ثغرة في شرحك يتسلل منها الخطأ عند التحديد والإختيار، لكن الطالب الجامعي العكس تماماً أنت قلت المقياس في السؤال، حسنا أنا أرغب في شراء آيفون ثمنه خمسين ألف وسألت نفسي وجدت أنني ساشعر أنني أقل من زملاء الدراسة وهذا ضرر إذن الآيفون حاجة أساسية وسأشتريه!
سؤال بالغ الحكمة، وجوابه يحتاج قلبًا متبصّرًا لا عقلًا راكضًا خلف الظواهر.
الفرق بين الحاجة والرغبة يشبه الفرق بين الهواء والعطر:
الطفل ذو العاشرة أقول له:
"الحاجة هي الشيء الذي إن غاب، تتعب، كالأكل واللباس والنوم. أما الرغبة، فهي ما تحبه لكنك تبقى بخير إن لم تحصل عليه، مثل الألعاب الجديدة أو الحلوى الزائدة."
أما طالب الجامعة فأقول له:
"الحاجة ما يُقيم حياتك ويُعينك على الاستمرار، أما الرغبة فهي ما يُزيّن حياتك ويمنحك المتعة المؤقتة. الأولى ضرورة، والثانية تفضيل. الحاجة تبنيك، الرغبة تُسليك، فاختر التوقيت بعقل، ولا تُبدّل موضعهما فتُنهك مالك ووقتك."
الحكمة الكبرى:
من يُحسن ترتيب أولوياته، يُحسن النجاة من فوضى هذا العصر.
أيهما يحكم يومك: صوت العقل، أم صدى الهوى؟
احسنت كثيراً في شرح الأمر للطالب الجامعي وأرى أن من بهذه المرحلة لو التزم بهذه الآلية لكان أفضل له من حيث الحرية المالية وعدم الوقوع في ضغط الحاجة الوهمية الذي يقع به أغلبنا.
ولكن للطفل أنت أغلقت القوس عند نهاية ليس بها مرونة، أشعر أنه سيتعامل مع كل رفاهية أنها أمر مبغوض فيصبح بخيل أو يسرف في حرمان نفسه
الفرق بين الحاجة والرغبة أن الأولى لا يمكن الاستغناء عنها والثانية يمكن تأجيلها أو الاستغناء عنها، والفارق بين المرحلتين هي الامثلة فالطفل سأريه الفرق بين أن يشعر بالجوع ويريد أن يأكل وبين أن يكون شبعان ولكن يريد أن يتناول الحلوى، بين أن ينام بعد يوم مرهق وبين أن يذهب في رحلة، لكن الجامعي يمكن أن يلمس الفرق بين مصاريف مواصلاته لجامعته وبين أن يتناول الطعام مع زملائه بأحد المطاعم
وبذلك يكون أدركوا الفرق
لكن ألا ترى أن التدرج مثلاً في الضرورة يحولها لرفاهية، فمواصلات الجامعة عند جامعي هي ضرورة ولكن رفاهية أن يذهب كل يوم بسيارة خاصة، طعام الطفل ضرورة لكن رفاهية أن يأكل لحم كل وجبة واسرته غير قادرة مثلا
التعليقات