أنا أكره جدًا المحادثات ومكالمات الفيديو وحتى المكالمات الصوتية. لا أشعر بالارتياح أبدًا أثناء استخدامهم ولا أعرف كيف يستغني بها الكثير من البشر عن المحادثات والمقابلات المباشرة، في رأيي هي أحدثت فجوة كبيرة في التواصل الإنساني القائم في الأساس على إظهار المشاعر والتعبيرات والدعم بالقول والفعل، وجعلت الناس أكثر جفاء وبعدًا عن بعضهم البعض، فما رأيكم؟
مع أم ضد، المحادثات والمكالمات الرقمية أبعدت البشر ولم تقربهم؟
قد تكون فعلت ذلك مع فئات كثيرة من الناس، ولكنها في المقابل قرّبت فئات أخرى من البشر لبعضهم البعض، الأصدقاء الذين نتعرف عليهم من أقصى بقاع الأرض، أو حتى أحبابنا أنفسهم الذين ذهبوا لمكان بعيد ونود الاطمئنان عليهم، صحيح أن في سياق العلاقات العاطفية كثرة مكالمات الفيديو تشعرك بالسأم وعدم حقيقية تلك العلاقة، رغم أنني أتفهم الأزواج الذين يلجأون إلى ذلك الوسيط من التواصل في حالة العلاقات التي تفرق بينها مسافات جغرافية شاسعة، ولكن ذلك النوع من العلاقات أصلًا في رأيي غالبًا ما يكون مرهونًا بالفشل.
نقطة انها تقرب البعيد وتسهل التواصل معه هذا لا جدال فيه، لكن على محيط المقربين هي أثرت سلبا على العلاقات، فحتى المقربين بالمسافات أصبحوا يلجأوا للهاتف وتجمعات الماسينجر بدلا من الزيارات وهذا واضح جدا للأسف
أتفق بشدة ولا يقتصر هذا الأمر على وسائل التواصل الإلكترونية الحديثة بل على الهاتف الأرضي أيضاً. كنت صغيراً في العاشرة تقريباً وكنت في قريتي التي دخلتها الخطوط الأرضية ةقتها حديثاً فسمعت من الأهل إن الجيران من النساء تتصل بجارتها بالهاتف حتى تسألها إن كان عندها (خميرة) حتى تخبز خبزها!!! كان ذلك من أكثر من خمسة عشرة سنة. الحقيقة أن وسائل الإتصال تلك أضعفت الحميمية بين الناس ولكنها سهًلت التواصل ومعرفة أخبار بعضنا البعض بسرعة لم تكن في السابق.
هذا التساهل الموجود عند الناس يجعلني أتساءل هل المشكلة من الوسائل أم منهم! هل حقا التواصل الإنساني مرهق ومتعب أو غير مهم بالنسبة لهم ليستسهلوا استبداله بهذه الطريقة؟ الغريب عند حدوث أزمة كأزمة كورونا أرغمت الجميع على العزلة كان الجميع يشتكي من عدم رؤيته لأصدقائه وأحبائه والتفاعل معهم والآن نفس هؤلاء البشر هم من يتكاسلون عن مقابلة بعضهم البعض.
@Abdelrahman212 بالطبع الأمر مختلف عن من هو مضطر على الابتعاد فهذه هي الطريقة الوحيدة لتواصله، ولكن حتى في هذه الحالات التواصل تأثر، أتسمعون بمقولة البعيد عن العين بعيد عن القلب؟ أنا أؤمن بها جدا، ولا أرى أن المكالمات والرسائل ستعوض تأثير شخص غائب، الغربة الطويلة تعود الناس على غياب أحبائهم فيقل الاشتياق والحنين مع الوقت ويجد الإنسان في حياته مشاغل أخرى لينشغل بها، والمكالمة التي تكون في البداية يومية ستصبح أسبوعية ومن ثم شهريا ومن ثم كل حين وآخر قضاء واجب.
أنا برأيي هذا كلام ليس دقيق مئة بالمئة، فيه شيء من صحة ولكن ليس دقيق، إذ أنها على العكس ساعدت على تقريب المسافات وتعزيز التواصل برأيي، لولا هذه التقنيات لكنت عانيت بغربتي، بفضلها صار يمكن لأصدقائي وأفراد عائلتي البقاء على اتصال دائم معي بدل أن أذوب في غربتي وحدي، مهما كانت المسافات كنت أراهم بجانبي في حالات الأزمات عبر هذه الوسائل، لإن هذه الوسائل تتيح التعبير عن الدعم والمواساة بشكل فوري.
وبالإضافة لكل ما سبق أنا استخدم هذه الأدوات في تسهيل بناء علاقات جديدة ومشاركة الأفكار مع أشخاص من ثقافات مختلفة، هذا صعب من دون هذه الأدوات.
أنت لديك عذر يا ضياء فأنت في غربة عن أهلك وأحبائك، ولكن إن كنت معهم وظروفك مختلفة هل كنت لتستخدم هذه الوسائل بكثرة للتواصل؟ كثرة استخدام هذه الوسائل كانت لتبعدك عنهم شعوريا وتقلل من الاهتمام بينكما وتزيد من الجفاء أو التبلد، تخيل صديق لك تعيشون في نفس المدينة ولا يمنع لقائكما أسباب قهرية ومع ذلك كل تواصلكم من خلال المحادثات النصية كيف ستكون علاقتكم بعد فترة؟ في البداية ربما تتحدثون كثيرا ولكن مع الوقت وعدم رؤيتكما لبعض ماذا سيحدث؟ ستعتاد على غيابه وسيحل محله أشخاص آخرين، سينشغل كل منكما بحياته وتواصلكما سيقل لأنه لن يعيد يزيدكم شيئا كما كان يفعل في السابق وستجد في النهاية أن أصبح ذكرى ككثير من الأشخاص العابرين في حياتك.
مع أن وجهة نظرك واقعية الى حد ما، لكن دعيني أشاركك منظوراً مختلفا، نحن في عصر تتشابك فيه الخطوط بين القرب والبعد، والتكنولوجيا ليست سوى أداة.. كيف نستخدمها هو ما يحدد إن كانت تربطنا أم تباعدنا.
برأيي، حتى اللقاءات المباشرة قد تكون أحياناً خالية من الروح إذا افتقرت إلى الاهتمام الحقيقي، كثيرا ما اتحدث الى اشخاص يبدو لي من تعابير وجههم او حتى من سلوكاتهم اثناء حديثي اليهم انهم ينتظرون اقرب فرصة لترك المحادثة والرحيل، او كما نقول بالعامية ( يسلكولي). ما تغير ليس فقط الوسائل، بل ربما نحن أنفسنا أصبحنا أكثر انشغالاً، أو أقل استعداداً للالتزام بالعلاقات العميقة.
ما تغير ليس فقط الوسائل، بل ربما نحن أنفسنا أصبحنا أكثر انشغالاً، أو أقل استعداداً للالتزام بالعلاقات العميقة.
هذه حقيقة أتفق معها مع رفيق، أعتقد أن اهتماماتنا تغيرت بحيث أصبحت تركز على الماديات أكثر من أي شيء آخر، حتى الأوقات التي نخصصها للتواصل أصبحنا نحدد لها معايير فلا مجال للنقاش الجاد أو مشاركة الهموم إذا لم تكن الجلسة للمزاح والضحك ستجد الجميع يمسك هواتفه ليقضي وقته.
أنا شخصيًا ممتن جدًا لوجود محادثات ومكالمات الفيديو، خاصةً لأنني مغترب. فهي الجسر الذي الذي يربطني بأهلي وأصدقائي وكل من أريد التواصل معهم. لا أستطيع تخيل نفسي في مكان لا أستطيع فيه رؤية الوجوه أو سماع الأصوات بشكل مباشر، كما هو الحال في الرسائل النصية أو المكالمات التقليدية.
لكن في كل لحظة أختار التواصل البشري عبر المقابلات المباشرة، أحاسيس أخرى، وهرمونات تُفرز، أجمل بكثير!
المكالمات عبر الفيديو والصوت، جاءت بعدة إيجابيات تعزز من التواصل البشري.. الاجتماعات عبر الفيديو توفر الوقت والجهد الذي يتطلبه السفر والاجتماعات الشخصية..والشركات والمؤسسات يمكنها العمل مع فرق من مختلف البلدان دون الحاجة للسفر، مما يعزز التعاون الدولي.والدروس والورشات التعليمية عبر الإنترنت تمكن الأفراد من الوصول إلى المعرفة والمهارات الجديدة بغض النظر عن مكانهم الجغرافي.المكالمات الرقمية يمكن أن توفر فرصًا متساوية للأشخاص الذين يواجهون تحديات في الحضور الجسدي، مثل ذوي الاحتياجات الخاصة.
اين هو الجفا برايك !!التكنولوجيا الرقمية ليست مجرد وسيلة للتواصل، بل أداة قوية تعزز من فعالية ومرونة حياتنا اليومية
المكالمات عبر الفيديو في إطار العمل أو التعلم مختلف تماما عن علاقاتنا الاجتماعية، لأن علاقات العمل أساسا لا تطلب القرب القوي والتفاعل البشري واللحظات التي نستمتع بها عند التجمع مع عائلاتنا، على الرغم أن هناك أبحاث كثيرة تؤكد أن الاجتماعات عن بعد ليست بفاعلية الاجتماعات الحقيقية خاصة لو كنت تتعامل مع أشخاص لم تلتقي بهم أبدا، ويكون معدل بناء الثقة بينهم أقل عند المقارنة بالمقابلات وجه لوجه.
لذا لو ركزنا على علاقاتنا الاجتماعية، صديقك أو أخيك، أو حتى والدك، الآن يمكنك التواصل معهم وأنت بمنزلك ويغنيك ذلك عن الذهاب والجلوس والاستمتاع معهم، وسيفهم كلامي هذا الجيل الذي جاء قبل انتشار التكنولوجيا وسيطرتها على التواصل، لأنه أدرك واستشعر قيمة التجمعات
أنا أتناولها كأداة تواصل يومي في جانب الإنسان الاجتماعي لا العملي ولا التعليمي، فأنا لم أنكر دورها في بيئة العمل أو التعلم رغم أنني أجد أن فعاليتها ليست كالتواصل البشري أيضا ولكنها حل لمشكلة بعد المكان وتوفر الجهد والوقت كما أشرت ولكن ما أركز عليه هو استخدامها للتواصل في علاقاتنا، مع أصدقائك مثلا إذا أزعجك موضوع ما هل تفضل الحديث فيه مع صديقك عبر الشاشة وبدون سماع صوته أو رؤية تعبيراته أو حتى وجوده بجانبك؟ أم تفضل أن تقابله وجها لوجه وتشكي له ما يحزنك؟ أنا عن نفسي أفضل الخيار الثاني لأن الخيار الأول لا يشبعني ولا يريحني بل أشعر وكأنما أتحدث مع روبوت يجيبني ببعض كلمات، إذا تحدثت مع تشات جي بي تي سيعطي نفس النتيجة فما الفارق!
أرى أنها جيدة وسيئة بنفس الوقت، فهي جيدة في إطار التفاعلات التي يفصل بين طرفيها مسافة كبيرة كأن يكون طرف في مدينة والاخر ببلد أو مدينة أخرى، هنا هي فعالة في حفظ الروابط ومنحهم القدرة على التواصل بغض النظر عن غرضه.
وبنفس الوقت هي سيئة لأنها حدت من التفاعلات المباشرة والتجمعات بين العائلة والأصدقاء، لأنها أصبحت بديل سهل ومتاح للجميع
الفكرة أن الوسطية ليست بأيدينا أحيانا، فتجد الظروف تدفعك لاختيار الأسهل، فقد تكون بعمل ولديك وقت راحة، ستذهب لترتاح وتتصل بوالدتك للاطمئنان أم ستذهب لرؤيتها وجها لوجه، ناهيك عن الأجيال الجديدة التي أصبحت عندها التواصلات الرقمية رقم واحد بدلا من التجمعات العائلية والمقابلات وجها لوجه مع الأصدقاء
هذه هي المشكلة نحن نستسهل لأننا لم نعد نقدر قيمة الأشياء، لو أن الابن مقدر لقيمة لقائه مع والدته وجها لوجه لما تساهل في الاتصال وامتنع عن الذهاب، هذا بالطبع إذا لم يكن خيار الذهاب لها صعب في وضعه لبعد المكان وصعوبة العودة للعمل مثلا، أنا عموما لا أتحدث عن الظروف القهرية التي تضطرنا للجوء لهذه الوسائل ولكن أتحدث عن ما بيده عدم استخدامها ومازال يفضلها!
التعليقات