فقدان والدي كان ولا يزال من أصعب التجارب التي مررت بها في حياتي، وحتى الآن لا يزال الألم موجودًا، ولا يمكنني أن أنكر أنني أفتقده كل يوم، ولكن مع مرور الوقت تعلمت كيف أتعامل مع هذا الألم بدلاً من أن اسمح له بالتحكم في حياتي، ورغم أن الجرح لا يزال مفتوحًا إلا أنني أدركت أن هذه التجربة علمتني الكثير عن القوة الداخلية والصبر، فقد أصبحت أكثر قدرة على مواجهة الحياة بتحدياتها، مستمدة قوتي من الذكريات الجميلة التي تركها لي، شاركونا آرائكم كيف يمكننا أن نصبح أقوى ولا تتأثر نفسيتنا رغم التجارب المؤلمة؟
التجارب المؤلمة، كيف يمكن أن تجعلنا أقوى دون ترك تأثيرات نفسية دائمة؟
بكوني ما زلتُ في دائرة الحرب علينا في غزة لا أكثر من عام، وما زلتُ في دوامة الإبادة والنزوح القسري والتهجير والفقد والتدمير، أصبح ما كان بيدي أمس، اليوم أصبح صفراً، ربما أتساءل كيف هو شعور والدي الذي كان كادحاً في الحياة ومُعيلاً لعائلته مذ نعومة أظافره، وما أثمره في هذه الحياة بات هباءً منثوراً، فقد بيته وبيت العائلة وعمله وجُرفت أرضه وشجر الزيتون وفقد صحبه وجيرانه، ما هو شعور أختي الصغير؟! عندما بكت بحرقة لأنها فقدت ألعابها وكيف أخبرها أننا فقدنا الحياة...وما زلنا في دوامة الضياع والخوف والشتات وكل منَّا كان له حياة وحلم واليوم باتوا ينادوه برقم...
حال نفسيتي الآن، لا أشعر، لا أستوعب، لا أصدق، أفكر ماذا سيحل بنا لو انتهت الحرب كيف سأكون!
أعانكم الله في هذه المحنة العظيمة، وأشعر بعمق ألمكم ومعاناتكم. في حالتك، ستترك الحرب جروحًا لا يمكن للكلمات وصفها، لكن يجب أن تعلمي أن الألم لا يدوم إلى الأبد، ربما تجدون أنفسكم في مكانٍ مظلم اليوم، ولكن مع مرور الوقت سيبدأ الأمل في الظهور تدريجيًا رغم قسوة الظروف ومهما كانت الخسائر، ستظل هناك قوة كامنة في كل واحد منكم، تحمل القدرة على النهوض مجددًا، ليس فقط لبناء حياتكم، بل لتكونوا شهادة على صمودكم أمام ما لا يمكن احتماله.
أنا فقدت أبي أيضاً بجلطتين وأخي بسرطان، عاميت حرفياً حتى استطعت التأقلم مع الواقع الذي ضربني بمرضهم ومن ثم كسرني بفقدانهم ولكن لم استطيع التعامل مع هذه المعطيات بولا طريقة نفسية عملية، كنت مضطر دائماً أن أعود إلى كل المراجع النفسية والعلمية الممكنة ولم أستطيع أن أصل إلى أي منها نافع، وحدها فكرة سواسية الموت ووحدة العذاب ما رققت قلبي وجعلتني أتأقلم، بأن كلنا سنموت والاختلاف على التوقيت وبأن كلنا سنمر بعذابات بحياتنا والاختلاف على شكل العذاب وكثافته، هذا بالضبط ما جعلني أمر أحسن مع الوقت
أعانك الله وأنت تخوض هذه التجربة القاسية، أحيانًا نواجه الألم بطريقة لا نجد لها تفسير أو مخرج، وأنت مررت بتحديات كبيرة فقدت فيها أحبائك، لكنك استطعت أن تجد طريقًا للتأقلم، رغم أن ذلك كان صعباً للغاية، وشخصيًا أرى فكرة الموت وحقيقة أن الجميع سيواجه مصيره يومًا ما من أصعب الحقائق، لكنها في الوقت نفسه تمنحني أيضاً نوعًا من السكون الداخلي وتهدئ من ضجيج الألم بداخلي، ومن خلال هذه الرؤية قد نجد جميعًا السلام مع الوقت، وهذا يدل على القوة الداخلية والقدرة على التكيف مع المعاناة.
مؤخراً أصبت بحالة من التبلد التي لا أجد لها تفسيراً. فأصبحت أواجه جميع المشاكل والأزمات ببرود غريب لا لا أفهم مصدره. هذا يكون احيانا أمر جيد لأنه يجعل المشاكل لا تؤثر على انتاجيتي في الدراسة والعمل، لكن أشعر أن الأمر مقلق بعض الشيء
لكن أشعر أن الأمر مقلق بعض الشيء
بالفعل أرى الأمر مقلق جدًا لأنه قد يكون مؤشر على أنك بدأت تصاب بحالة من الانفصال العاطفي أو التبلد الذي قد يكون نتيجة لضغوطات نفسية أو تراكم مشاعر غير معبر عنها، ورغم أن هذا البرود يساعدك على التعامل مع المشاكل بشكل عملي، إلا أنه قد يؤدي إلى إخفاء المشاعر الحقيقية داخلك ويمنعك من معالجتها بشكل صحي، ومن المهم أن تجد وقت للتفكير في هذه الحالة ومحاولة فهم جذورها، لأن إهمال التعامل مع مشاعرنا قد يؤدي إلى تأثيرات سلبية على صحتنا النفسية والعاطفية على المدى البعيد.
ماتت أم والدي وهو في التاسعة من عمره بينما انتقل هو إلى جوارها منذ شهور بعد أربعة وأربعين عام تقريباً، منذ جئت الدنيا وأدركت معنى ألم الفقد وجدت أبي رحمة الله عليه يعانيه، لم ينسى ولم يتأقلم وكأنها ماتت للتو، وبخصوص التخطي أذكر مرة قال لي لو كان الله سيجازيني على بري بها فولله ما لحقت أكون بار ولكن يمكن يكون حزني عليها صورة من صوره فلو كان فهذا جرح أحبه ولا أتمناه يلتأم
واليوم وقد مررت بتجربة فقده قريباً كلما خلى بي عقلي وقلبي أشعر أنه فارق للتو ولا أظن أنني سأسعى للتكيف مع غيابه
رحم الله والدك وجعل مثواه الجنة، وأدام لك صبر القلب وطمأنينة النفس، فقدان الأحبة ليس شيئًا يمكن أن يتأقلم معه الإنسان بسهولة، بل هو جرح يظل يعيش في القلب، وقد يظل يؤلمنا كلما تذكرناهم، كما قال والدك رحمه الله قد يكون الحزن صورة من صور البر، أدعو الله أن يعينك على حمل هذه الذكرى الغالية، وأن يملأ قلبك بالسلام والسكينة رغم الألم.
فقدان جدتي ترك أثراً نفسياً عميقاً عليّ، لأنني كنت قريبة منها جداً. ربي يرحمها يارب، من المهم أن نتقبل مشاعرنا السلبية مثل الحزن والفراغ، ولا نحاول إنكارها. ولكن دعم العائلة والأصدقاء يمكن أن يخفف الكثير من الألم. كما أن التحدث عن مشاعرنا مع الآخرين يمكن أن يكون مصدراً مهماً لتخفيف من الحزن.
أسأل الله أن يرحمها ويسكنها فسيح جناته، فعلاً فقدان شخص عزيز يترك أثراً عميقاً في النفس، خاصة عندما نكون قريبين منهم، وتقبل مشاعر الحزن هو خطوة مهمة نحو الشفاء، رغم أن بعض الناس قد يعترضون على ذلك ويشعرون أن تجاهل هذه المشاعر سيكون أسهل، برأيي لا يجب أن نكبتها أو نتجاهلها، لأن دعم العائلة والأصدقاء له تأثير كبير في تخفيف الألم، والتحدث عن مشاعرنا يساعدنا على التعامل مع الحزن بشكل أفضل، كلنا بحاجة للتعاطف والدعم في الأوقات الصعبة.
فقدان الاب والام يعنى فقدان كل شىء فقدان الامن والسند والحمايه فهى ليس تجربه بل هى معركه مواجهه الحياه بدون سلاح ودرع فاى أصابه فى هذه المعركه سيظل له اثر عميق لانه جرح لن يشفى من المه القلبلكن باقى التجارب الاخرى فيها سقوط يجعلك تقف اقوى ولابد للانسان ان يتعلم من كل المواقف التى تمر به سواء سعيده او حزينه منتصر او مهزوم
التعليقات