لي صديقة قديمة تعيش في دوامة من الألم النفسي الذي لا يبدو أنها تستطيع الهروب منه، وأجدها تتذكر كيف كان هذا الألم يرافقها بشكل مستمر طوال سنوات دراستها في الثانوية العامة، لكنه الآن أصبح جزءًا من حياتها اليومية، وتتحدث لي عن كيف أن القلق والتوتر أصبحا يحددان كل خطواتها، وكأنهما جزء من شخصيتها، ورغم أن هذا الألم كان يعذبها في البداية، إلا أنها بدأت تشعر وكأنه أصبح صديقًا قديمًا لا يمكنها العيش بدونه، وقد شعرت في بعض الأحيان أن الراحة أصبحت غريبة بالنسبة لها، وتتساءل إذا كان هذا الألم هو ما يجعلها تشعر بالقوة أو أن الاستمرار فيه أصبح جزءًا من هويتها. برأيكم، هل من الممكن أن يصبح الشخص مرتبطًا بألمه النفسي لدرجة أنه يجد صعوبة في التحرر منه، أو حتى يشعر بأن هذا الألم هو ما يحدد هويته؟
حب الألم النفسي، هل من الممكن أن يصبح الشخص مغرمًا بألم نفسه؟
الكثير من الناس يفضلون البقاء في دوامات الألم التي يعيشون فيها بل ويرفضون اي مساعدة للخروج منها. ومن الممكن أن يكون الألم محفز على الاستمرارية بالفعل، فبعض الناس تكون اقوى محفزاتهم على الاستمرار والإنجاز والنجاح هو ذكريات الألم والخذلان من الغير مما يجعله يريد أن يكون قويا ومعتمدا على ذاته
ذكرني ذلك بأحد أقاربي عندما توفى والده، وجد نفسه وحيداً يتألم ويتذكر وصية والده التي يطلب منه فيها أن ينجح ويصل لمكانة مرموقة، وبالفعل جعله الألم الذي يشعر به أكثر قوة وقدرة على مواجهة التحديات، حيث تحولت معاناته إلى دافع قوي ليحقق النجاح الذي كان يحلم به، فالألم لم يكن عبئًا عليه بل كان محفزًا يدفعه للاستمرار والإنجاز، ليبرهن لوالده ولنفسه أنه قادر على تحقيق ما كان يطمح إليه.
هذه المسألة عميقة ومعقدة، وتسلط الضوء على كيفية تعامل البشر مع الألم النفسي وما يمكن أن يؤدي إليه ذلك من ترابط عاطفي مع هذا الألم. من الممكن فعلاً أن يصبح الشخص مرتبطًا بألمه النفسي لدرجة يصعب عليه التحرر منه..
والاعتراف بأن الألم النفسي يمكن أن يكون جزءًا من رحلة التعافي هو خطوة أولى مهمة. من خلال الدعم المناسب والتفهم، يمكن لصديقتك أن تبدأ في معالجة هذا الألم والبحث عن وسائل جديدة لتحقيق الراحة والتوازن النفسي.
برأيكم، هل من الممكن أن يصبح الشخص مرتبطًا بألمه النفسي لدرجة أنه يجد صعوبة في التحرر منه، أو حتى يشعر بأن هذا الألم هو ما يحدد هويته؟
بالتأكيد، من الممكن أن يصبح الشخص مرتبطًا بألمه النفسي في بعض الحالات، يتحول الألم النفسي المزمن إلى حالة اعتيادية، حيث يبدأ العقل في التكيف معه، فيراه كجزء طبيعي من الحياة. في هذه الحالة، قد يشعر الشخص بالخوف من التغيير أو حتى الراحة، لأن الألم، رغم قسوته، أصبح "مألوفًا" مقارنة بما هو غير معروف.
لكن الحقيقة هي أن التغيير ممكن. التقبل ليس الاستسلام، بل هو أول خطوة نحو التحرر. عندما يدرك الشخص أن الألم ليس هو ما يحدد هويته، وأن هويته الحقيقية أعمق بكثير من أي شعور عابر، يبدأ في رؤية الأمل. هذا لا يعني أن المشاعر السلبية ستختفي فورًا، لكنها لن تكون المتحكم الأساسي في حياته.
ويبقى الحل الأمثل برأي هو التحدث مع معالج نفسي أو صديق لفهم مصدر هذا الألم، إيجاد حلول.
نعم، من الممكن أن يصبح الشخص مرتبطًا بألمه النفسي لدرجة أنه يشعر بصعوبة في التحرر منه، وقد يتطور هذا الشعور إلى حد اعتباره جزءًا من هويته. في كثير من الأحيان، يتبنى الأشخاص مشاعر الألم والقلق كجزء من تجربتهم الشخصية، مما يجعلهم يشعرون بأن هذه المشاعر تعكس قوتهم وقدرتهم على التحمل. هذا الارتباط العاطفي قد ينشأ من تكرار التجارب السلبية، حيث يصبح الألم مصدراً للراحة النفسية أو حتى نوعاً من الهوية، مما يؤدي إلى شعور بالاستقرار في الفوضى. عندما يعتاد الشخص على الألم، قد يجد صعوبة في تصور الحياة بدون هذا العبء، مما يعزز فكرة أن الراحة أو السعادة هي شعور غريب أو غير مألوف. هذه الديناميكية يمكن أن تؤدي إلى دورة من القلق والتوتر، حيث يصبح الشخص عالقًا في دوامة من المشاعر السلبية، ويحتاج إلى الدعم والتوجيه للخروج منها. من المهم أن يتلقى الأفراد مثل هذه الصديقة الدعم النفسي المناسب لمساعدتهم على استكشاف مشاعرهم وفهم كيفية تجاوز الألم دون أن يصبح جزءًا من هويتهم.
المشاعر في الحياة – السعادة والتعاسة، اللذة والألم .. تأثير هذه الثنائيات على تجربتنا الإنسانية، وكيف يمكن أن يكون الألم أحيانًا بوابة لشيء أعمق وأكثر معنى.
بالحديث عن الألم النفسي الذي وصفته صديقتك، يبدو أنها قد وصلت إلى نقطة حيث أصبح هذا الألم جزءًا متأصلًا في هويتها، وهذا أمر شائع. كثير من الأشخاص، حين يواجهون تحديات نفسية لفترة طويلة، قد يشعرون بأنهم مرتبطون بألمهم لدرجة يصبح فيها التحرر منه مخيفًا أو غير مألوف. مثلما ذكرتِ، قد يعتقد البعض أن ألمهم هو ما يمنحهم القوة أو يحدد شخصيتهم، وكأن الراحة أو السعادة أصبحت غريبة وغير ممكنة.
في الحياة، هناك بالتأكيد تجارب تتأرجح بين اللذة والمعاناة، وكأنهما جزءان لا يتجزآن من دورة الوجود. ولكن إذا كانت هذه المعاناة تقودنا إلى وعي أعلى، فقد تكون الحياة بذلك تقدم لنا وسيلة لاكتشاف القوة الداخلية والتجارب الروحية التي تتجاوز الثنائية التقليدية للذة والألم.
ربما تكون رسالة الحياة في هذا السياق هي أنه لا يمكننا الاستمرار في تجربة الألم إلى الأبد دون أن نتاح لنا الفرصة لتذوق اللذة والسعادة. ومع ذلك، فإن تجاوز الألم للوصول إلى النشوة الروحية قد يتطلب من الشخص أن يقبل هذا الألم كجزء من الرحلة، وليس كجزء دائم من هويته.
قد يكون التحول الحقيقي هنا هو القدرة على استخدام الألم كأداة للنمو الشخصي والروحي، بدلاً من اعتباره نهاية بحد ذاتها. الحياة قد ترسل لنا الألم كمعلم، ولكنه ليس المعلم الوحيد.
بالتأكيد أن تلك الحالات موجودة، ولكني لا أراها لها علاقة بهوية الإنسان، إلا إن كنا كرفقاء وأشخاص محيطين به نتذكره بذلك، الشخص الذي يعيش داخل ألمه، ولكني أجد تعايش الآخرين مع الألم غالبًا ما يكون ناتج عن صدمة سببت بدورها اعتقاد راسخ في عقلية الإنسان لا يستطيع الهروب منه، بالحديث عن الثانوية، فلي صديق رسب بها وأعاد السنة، وأصبح متأخرًا عن أقرانه، ولكن هذا كان منذ ٤ سنين بالفعل، الآن هو على وشك التخرج، وأحيانا يخبرني أنه بسبب تلك السنة يشعر أنه لن ينجح في شيء. لأن هناك اعتقاد ترسخ بناءًا على ذكرى حزينة أو صدمة نفسية.
هذا نوع من التعلق السلبي، تماماً كمن يحب شخص يسبب له أذى وألم واضطراب ولكنه تعود على ذلك وتعجبه العلاقة بألمها حتى بات يقيم العلاقات بما لها من مثل هذا الأثر، أظن أنني أيضاً مثل صديقتك ولكن بيني وبين ألم العمل هذا التعلق، الصداع وألم الظهر والقدم من كثرة التحرك والتفكير وتنفيذ الأعمال، التوتر والضغط الناتج عن تكدث المهام وأيام العمل الصعبة أو الفارقة، مع الوقت تكيفت معها لدرجة أنني أفقد لذة العمل لو كان لا يسبب ذلك
من المؤسف أن صديقتك تعاني من هذا الألم النفسي المستمر. يمكن للألم النفسي أن يكون له تأثير عميق على الهوية والشخصية. في بعض الأحيان، يمكن أن يصبح الألم النفسي جزءًا من هوية الشخص، حيث يشعر بأنه لا يستطيع العيش بدونه أو أن الراحة أصبحت غريبة بالنسبة له. هذا يمكن أن يحدث بسبب عدة عوامل:
- التكيف مع الألم: عندما يعاني الشخص من الألم النفسي لفترة طويلة، قد يتكيف معه ويصبح جزءًا من حياته اليومية. هذا التكيف يمكن أن يجعل الشخص يشعر بأن الألم هو جزء من هويته.
- الاعتماد العاطفي: في بعض الحالات، يمكن أن يشعر الشخص بأن الألم النفسي يمنحه نوعًا من القوة أو الحماية. قد يكون هذا الشعور ناتجًا عن الاعتماد العاطفي على الألم كوسيلة للتعامل مع التوتر والقلق.
- الخوف من التغيير: قد يشعر الشخص بالخوف من التغيير أو التحرر من الألم النفسي، حيث يمكن أن يكون التغيير مخيفًا وغير مألوف. هذا الخوف يمكن أن يجعل الشخص يفضل البقاء في حالة الألم بدلاً من مواجهة المجهول.
من المهم أن تدعم صديقتك وتشجعها على البحث عن المساعدة المهنية إذا كانت تشعر بأن الألم النفسي يسيطر على حياتها. العلاج النفسي يمكن أن يكون مفيدًا في مساعدتها على فهم مشاعرها والتعامل معها بطرق صحية. تذكيرها بأنها ليست وحدها وأن هناك أمل في التحسن يمكن أن يكون له تأثير إيجابي كبير.
هل هناك شيء آخر تودين مناقشته أو تحتاجين إلى نصيحة بشأنه؟ أنا هنا للمساعدة.
التعليقات