إذا كنت في موقف تستطيع فيه منع جريمة من الحدوث، سواء بالإبلاغ عنها أو التدخّل بطريقة مباشرة أو غير مباشرة ولكنّي اخترت أن تلتزم الصمت أو الامتناع عن القيام بأيّ فعل فهل يُعتبر ذلك نوعاً من المشاركة أو التواطؤ في الجريمة؟ وما هي الحدود الأخلاقية والقانونية التي تجعل من الامتناع عن التدخّل شكل من أشكال الجريمة نفسها؟
إذا كان بالإمكان منع جريمة ولكنّي لم أفعل شيئاً، فأنا شريكٌ فيها
برأيي الامتناع عن التدخل لمنع جريمة لا يعد مشاركة مباشرة فيها، لأن المشاركة تستوجب القيام بشيء يساهم في وقوعها، أما من الناحية الأخلاقية فعدم التدخل تقصيرا في أداء واجب إنساني إذا كان التدخل ممكن وآمن، أما من الناحية القانونية فقد يتحمل الممتنع مسؤولية خاصة في حالات تتعلق بسلامة الآخرين، يمكننا القول أن الامتناع لا يعني التواطؤ، لكنه قد يحمل الشخص مسؤولية أخلاقية أو قانونية.
أنا شخصيا أعتقد أن من يختار السلبية ويرفض منع جريمة عندما يكون في مقدوره فهو مذنب بنفس قدر مرتكب الجريمة إن لم يكن أسوأ، وذلك لسبب بسيط وهو أنه بسماحه للمجرم أن يفلت يسمح للجريمة أن تنتشر ويزيد من جرأة المجرمين، رغم أنه بمجرد إبلاغه عن الجريمة وهو أمر بسيط جدا لا يتطلب أي مجهد أو تضحيات قد يودي بالإيقاع بالمجرم وهو ما قد يشعر المجرمين بالوجل ويخفف من وطأة الجريمة ولو بشكل طفيف
بكل تأكيد أنت مجرم فقد تعلمنا أن ( الساكت عن الحق شيطان اخرس) .
والأمر هنا يمثل أعلى صورة من صور الأنانية والسلبية فربما وضعك الله شاهد على الأمر لتكون في خيار فعل الصواب والخطأ فلماذا تختار الخطأ!
لا أعلم بصراحة أن كان القانون يجرم هذا الفعل أم لا ولكن أظن عقوبة الضمير ستكون أقوى من عقوبة القانون لو كان الضمير لايزال سليم، وعندما يبدأ في لومك ومحاسبتك فسيكون الأمر قاسي.
وعن نفسي لو كنت بهذا الموقف لما اخترت الصمت ولو كان الأمر يشكل خطر على حياتي أو على أغلى ما بها.
أن كنت تشعر بالخوف والتهديد المباشر فهذا لا يعني بالضرورة إنك مشارك بالجريمة (فليس الجميع بقادرين على التعامل بشكل شجاع في مواقف مثل هذه) ولكن الأمر يختلف إن لم يكن هناك تهديد مباشر لك وأخترت التجاهل وعدم المشاركة ، بالنسبة لي أرى أن أي فعل يمكن أن تقوم به هو مهم وفعال في عملية إنقاذ محتملة أو منع جريمة محتملة حتى لو انطلى على بعض أو كثير من المخاطرة (لأني ببساطة أثق في أن البشر لن يضروني بشيء لم يكتبه الله علي) ... لذا أطالب أي شخص إيقاف أي جريمة بقدر المستطاع .... حتى بأضعف الإيمان الرفض بالقلب .. من رأى منكم منكراً فليغيره بيده .. فإن لم يستطع فبلسانه .. فإن لم يستطع فبقلبه وهذا أضعف الإيمان.
الحدود القانونية لا علم لي بها، ولكن من الناحية الأخلاقية فأرى بالفعل أن الصمت وعدم القيام بفعل تجاه جريمة تحدث أمامك هو مشاركة فعلية في تلك الجريمة؛ فصمتُك هذا فعلٌ يساعد مرتكب الجريمة على فعله، بل وقد يجعل ثقته في نفسه تزداد ويكثر من جريمته ويكررها مرارًا وتكرارًا.
وكما قال رسولنا صلى الله عليه وسلم (من رأى منكم منكرًا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه "وذلك أضعف الإيمان") وأعوذ بالله أن تكون ضعيف الإيمان.
التعليقات