شاركونا كيف تغير تفكيركم حول هذا الشيء؟
ما هو الشيء الذى كنت تعتقد أنه مهم جدًا عندما كنت صغيرًا، لكنه الآن لم يعد بنفس الأهمية؟
عندما كنت صغير وحتى في مرحلة الشباب الأولى كنت أعتقد أن امتلاك أمور باهظة الثمن أو تحصيل شهرة هو الشيء الأهم لتحقيق السعادة والشعور بالانتماء بين الأصدقاء والمعارف، كنت استبسل في تحقيق هذه الأمور، أقوم بكل ما أستطيع لتحصيل هذه الأمور، لإنني كنت أظن أن قيمتي تُقاس بما أمتلكه وأن هذه الأشياء يمكن أن تجعلني محبوب أو مميز ولكن مع مرور الوقت أدركت أن العلاقات الحقيقية التي لا تحتاج جهود جبارة لإبقائها والمبادئ التي أتمسك بها وخاصة الأخلاقية منها هي ما يحدد قيمتي كشخص وليس الأشياء المادية، قد يبدو تغيّر بسيط ولكنّي أستطيع أن أقول أنني دفعت كثيراً لكي أحصّل هذا التغيير، دفعت وقت ومال وتجارب فاشلة.
عندما كنت صغيرة، كنت أعتقد أن رأي الآخرين عني هو أمر في غاية الأهمية، وكنت أسعى دائمًا لإرضائهم وكسب إعجابهم، لكن مع مرور الوقت أدركت أن التركيز على رأيي الخاص ورضاي عن نفسي هو الأهم، وأن محاولة إرضاء الجميع أمر مستحيل ومرهق. أصبح لدي قناعة بأن قيمة الإنسان تكمن في قناعاته ومبادئه، وليس في رأي الآخرين عنه.
وأنا صغير كنت أعتقد أن التفوق الدراسي هو مسألة حياة أو موت، وان من لا يحصل على الدرجات النهائية في جميع الاختبارات في جميع الأعوام سينتهي به الأمر فقيرا أو عاطلا أو ما شابه. بنسبة كبيرة تمت زراعة تلك النظرة بداخلي من قبل أهلي، لكن مع الوقت وكلما اختلطت بأناس مختلفين من طبقات وخلفيات مختلفة أدرك أن هذا الزعم خاطئ تماما، فلا يوجد أي رابط حقيقي بين الحالة المادية والمؤهل الدراسي، وذلك لأن مهارات تحقيق الثروة وجني المال لا علاقة لها بما تعلمناه في المدارس
بالنسبة لي كنت أضع قيمة كبيرة عندما كنت صغير للأصدقاء، ولكن كلما كبرت تتلاشى هذه القيمة حتى أدركت أنها رحلة فردية لن يدوم بها أحد، وأن هذه العلاقات التي كنت احسبها صداقة لم تكن ترتقي لأن يتم تصنيفها بمسمى الصداقة.
ليس نتيجة تجارب سيئة أقول ذلك، ولكن طبيعة الحياة عموماً أنه لن يدوم صديق للأبد ومن هذه النقطة غيرت تفكيري عن أهمية وقيمة الصداقة واتخذت معظم علاقتي نمط تبادلي فقط ليس به تعلق كافي لأن يخلق تأثير عند غياب هؤلاء الأشخاص
الحصول على الدرجات النهائية والسعي الحثيث للإنجاز الأكاديمي، فعندما اتضحت الصورة حول النظام التعليمي، حتى قبل التخرج من الجامعة، لم أعد أرى قيمة حقيقية في ذلك، نظرًا لأن فرص النجاح المادي والمعنوي حتى افترقت طرقها مع النجاح في المدرسة أو الجامعة.
عندما ينضج الإنسان, لا أقصد أن يكبر في السن, كل الأشياء تتضاءل في نظره ولا يبدو اي شئ مهماَ .. الهنود في كتابهم المقدس عندهم قصة مشابهة لقصة سيدنا ابراهيم عليه السلام .. حقيقة عندما اكتشفت القصة من وجهة نظر ثانية اندهشت .. القصة عندهم أن براهما كان ناسكا متعبدا .. ظل يتدرب روحيا حتى سقطت الحياة الدنيا في نظره .. يعني تخلى عن حب التملك والأنانية وحب السيطرة وتخلص من الشهوات وحب المال والحسد والكراهية والحقد والغضب الخ الخ .. صار قاب قوسين من ان يلاقى ربه سليم القلب .. ولكن شئ واحد ظل يربطه بهذه الدنيا وهو حبه الشديد لابنه .. ولما راي ربه ذلك أمره ان يذبح ابنه .. وبمجرد انه اطاع امر ربه وكاد يذبحه انفك تعلقه وصار حرا أي وصل لحالة (الموكشا) أو الخلاص الروحي ..
حقيقة عندما ننضج ندرك أن الدنيا معبر لعالم تاني سميه ما شئت: الاخرة .. الموكشا .. النيرفانا .. الفردوس .. ولكن المسمي واحد وهو لقاء الله .. السعادة المطلقة .. اللذة الكاملة ..
دمتم .. مزمل سيد
التعليقات